عن رسل عيسى : (رَبُّنا يَعْلَمُ ...) الآية ، (يس : ١٦) وذلك أن الكفار نفوا رسالتهم بثلاثة أشياء. أحدها قولهم : (ما أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا) (يس : ١٥) والثاني قولهم : (وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ) (يس : ١٥) والثالث قولهم : (إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ) (يس : ١٥) فقوبلوا على نظيره بثلاثة أشياء : أحدها قولهم : (رَبُّنا يَعْلَمُ ...) (يس : ١٦) ووجه التأكيد فيه أنه في معنى قسم (١) ، والثاني قوله : (إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) (يس : ١٦) والثالث قوله [تعالى] (٢) : (وَما عَلَيْنا إِلاَّ الْبَلاغُ [الْمُبِينُ]) (٢) (يس : ١٧).
وقد ينزّل المنكر كغير المنكر وعكسه. وقد اجتمعا في قوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ* [(٣) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ] (٣)) (المؤمنون : ١٥ و ١٦) أكّدت (٤) تأكيدين وإن لم ينكروا (٥) ، لتنزيل المخاطبين لتماديهم في الغفلة منزلة من ينكر الموت ، وأكد إثبات البعث تأكيدا واحدا وإن كان أكثر ، لأنه لما كانت أدلته ظاهرة كان جديرا بألا يتكرر ويتردد فيه ، حثّا لهم على النظر في أدلته الواضحة.
(الثاني) : قال التّنوخي في «الأقصى القريب» (٦) : «إذا قصدوا مجرّد الخبر أتوا بالجملة الفعلية ، وإن أكّدوا فبالاسمية ، ثم ب «إنّ» ، ثم بها وب «اللام». وقد تؤكد الفعلية ب «قد». وإن احتيج بأكثر جيء بالقسم مع كلّ من الجملتين ، وقد تؤكد الاسمية باللام فقط ، نحو : «لزيد قائم» ، وقد تجيء مع الفعلية مضمرة بعد اللام. وحاصله أن الخطاب على درجات : قام زيد ، ثم لقد قام ـ فإنه جعل الفعلية كأنها دون الاسمية ـ ثم إن زيدا قائم ، ولزيد قائم».
ويلتحق بالتأكيد الصناعي أمور :
* (أحدها) : تأكيد الفعل بالمصدر ؛ ومنه قوله تعالى : (جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً) (الإسراء : ٦٣) [وقوله تعالى] (٧) : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) (النساء : ١٦٤) (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب : ٥٦) [وقوله تعالى] (٧) (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً* وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً)
__________________
(١) في المخطوطة (القسم).
(٢) ليست في المخطوطة.
(٣) الآية ليست في المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (أكد).
(٥) في المخطوطة (ينكر).
(٦) في المطبوعة (أقصى القرب) ، وقد تقدم التعريف به في ٢ / ٤٤٨ ، وصاحبه محمد بن محمد ، زين الدين التنوخي.
(٧) ليست في المخطوطة.