والمجاوزة عن الكليّ مجاوزة لجميع جزئياته دون العكس ؛ فلا وصلة بين الجزءين في الوجود فلا يوصلان في الخطّ.
* وكذلك «ممّن» (١) موصول كلّه ؛ لأن «من» بفتح الميم جزئيّ بالنسبة إلى «ما» ، فمعناه «أزيد» من جهة المفهوم ، ومعنى «ما» أزيد من جهة العموم ، والزائد من جهة المفهوم منفصل وجودا بالحصص ، والحصة منه لا تنفصل ، والزائد من جهة المفهوم لا ينفصل وجودا.
* وكذلك : (وَإِنْ) (٢) ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ في سورة الرعد (الآية : ٤٠) ، فردة مفصولة ، ظهر فيها حرف الشرط في الخط لوجهين : أحدهما أنّ الجواب المرتّب عليه بالفاء ظاهر في موطن الدنيا ، وهو (الْبَلاغُ) (٣) ؛ بخلاف قوله : (فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ) (غافر : ٧٧) فإنه أخفى فيه حرف الشرط في الخط لأنّ الجواب المرتب عليه بالفاء خفيّ عنّا ، وهو الرجوع إلى الله ، والثاني أنّ القصة الأولى منفصلة من الشرط وجوابه ، وانقسم الجواب إلى جزءين : أحدهما الترتيب بالفاء وهو البلاغ ، (٤) [والثاني المعطوف عليه وهو الحساب. وأحدهما في الدنيا ، والآخر في الآخرة ، والأول ظاهر لنا] (٤) والثاني خفيّ عنا. وهذا الانقسام صحيح في الوجود ، فقد انقسمت هذه الشرطية إلى شرطين ، لانفصال جوابها إلى قسمين متغايرين ، ففصل حرف الشرط علامة لذلك ، وإذا انفصلت لزم كتبه على الوقف ، والشرطية الأخرى لا تنفصل ، بل هي واحدة لاتحاد جوابها ، فانفصال حرف الشرط علامة لذلك.
* وكذلك : (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ) فرد في القصص (الآية : ٥٠) ثابت النون ، وفي هود : (الآية : ١٤) (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ) فرد بغير نون ؛ أظهر حرف الشرط في الأول لأن جوابه المترتّب عليه بالفاء هو (فَاعْلَمْ) (القصص : ٥٠) متعلق بشيء ملكوتي (٥) [ظاهر ، سفليّ ؛ وهو اتباعهم (أَهْواءَهُمْ) (٦) ، وأخفي في الثاني لأن جوابه المترتّب عليه بالفاء هو علم متعلّق بشيء ملكوتي] (٥) خفيّ ، علويّ وهو إنزال القرآن بالعلم والتوحيد (٧).
__________________
(١) انظر المقنع ص ٦٨ ـ ٦٩ عقب كلامه على : (من ما) ، ذكر (ممن).
(٢) انظر المقنع ص ٦٩ ذكر (وإن ما).
(٣) المراد به تتمة الآية من سورة الرعد (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ)
(٤) ساقط من المخطوطة.
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٦) إشارة إلى بقية الآية من سورة القصص (فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ)
(٧) إشارة إلى بقية الآية من سورة هود (فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ وَأَنْ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).