* ومن ذلك : «أن (١) لن» كلّه مفصول إلاّ حرفان : (أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً) في الكهف (الآية : ٤٨) ، (أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) في القيامة (الآية : ٣) سقطت النون منهما في الخط تنبيها على أنّ ما زعموا وحسبوا هو باطل في الوجود وحكم ما ليس بمعلوم نسبوه إلى الحيّ القيوم ، فأدغم حرف توكيدهم [الكاذب] (٢) في حرف النفي السالب هو ، بخلاف قوله : (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا) (التغابن : ٧) ، فهؤلاء لم ينسبوا ذلك لفاعل ؛ إذ ركب الفعل لما لم يسمّ فاعله ، وأقيموا فيه مقام [الفاعل] (٢) ، فعدم بعثهم تصوّروه من أنفسهم ، وحكموا به عليها توهما ، فهو كاذب من حيث حكموا به على مستقبل الآخرة ، ولكونه حقّا بالنسبة إلى دار الدنيا الظاهرة ثبت التوكيد [ظاهرا] (٣) وأدغم في حرف النفي من حيث الفعل المستقبل الذي هو فيه كاذب.
* ومن ذلك كلّ ما في القرآن «أن (٤) لا» فهو موصول إلا عشرة مواضع فهي مفصولة ، تكتب النون فيها باتفاق ، وذلك حيث ظهر في الوجود صحة توكيد القضية ولزومها : أولها في الأعراف : (أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَ) (الآية : ١٠٥) ، و (أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَ) (الآية : ١٦٩) ، و (أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ) في التوبة (الآية : ١١٨) (وَأَنْ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ) (الآية : ١٤) ، و ([أَنْ لا تَعْبُدُوا] (٢) إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخافُ) (الآية : ٢٦) في هود ، و (أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً) في الحج (الآية : ٢٦). و (أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ) في يس (الآية : ٦٠). (وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ) في الدخان (الآية : ١٩). و (أَنْ لا يُشْرِكْنَ [بِاللهِ شَيْئاً]) (٥) في الممتحنة (الآية : ١٢). و (أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا) في القلم (الآية : ٢٤). وواحد فيه خلاف (أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ) في الأنبياء (الآية : ٨٧).
فتأمل كيف صحّ في الوجود هذا التوكيد الأخير ، فلم يدخلها عليهم مسكين [لكن] (٦) على غير ما قصدوا وتخيّلوا فيه.
__________________
(١) انظر المقنع للداني ص ٧٠ ذكر (أن لن).
(٢) ساقط من المخطوطة.
(٣) ساقط من المخطوطة وتصحّفت كلمة : (وأدغم) في المخطوطة إلى (وأبدل).
(٤) انظر المقنع للداني ص ٦٨ ذكر (أن لن).
(٥) ساقط من المخطوطة.
(٦) ساقط من المطبوعة.