يخرجون من النار بشفاعة محمد صلىاللهعليهوسلم وشفاعة (١) غيره ، حتى لا يبقى فيها موحّد أبدا! فهذه الآية فيها دليل لأهل السنة على انفراد الكفار بالخلود في النار واختصاصهم بذلك ، والسنّة المتواترة ، موافقة ، ولا دليل للمخالف سوى قاعدة الحسن والقبيح العقليين وإلزامهم الله تعالى مما لا ينبغي لهم أن يلزموه من عدم العفو وتحقيق العقاب والخلود الأبديّ للمؤمنين (٢) في النار. نعوذ بالله من ذلك!
(فائدة) : لا تخصّ (٣) إفادة الحصر بتقديم الضمير المبتدإ ، بل هو كذلك إذا تقدم الفاعل ، أو المفعول ، أو الجار أو المجرور المتعلقات بالفعل ؛ ومن أمثلته قوله تعالى : (قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا) (الملك : ٢٩) فإن الإيمان لما لم يكن منحصرا في الإيمان بالله بل لا بدّ معه من رسله وملائكته وكتبه واليوم الآخر ، وغيره مما يتوقف صحة الإيمان عليه بخلاف التوكل فإنه لا يكون إلا على الله وحده لتفرّده بالقدرة والعلم القديمين الباقيين ـ قدم الجار والمجرور فيه ليؤذن باختصاص التوكل من العبد على الله دون غيره ، لأن غيره لا يملك ضرا ولا نفعا فيتوكل عليه ؛ ولذلك قدم الظرف في قوله : (لا فِيها غَوْلٌ) (الصافات : ٤٧) ليفيد النفي عنها فقط واختصاصها بذلك ، بخلاف تأخيره في : (لا رَيْبَ [فِيهِ]) (٤) (البقرة : ٢) لأن نفي الريب لا يختص بالقرآن بل سائر الكتب المنزلة ، كذلك.
* العاشر : منها «هاء» التنبيه في النداء نحو : «يأيّها» (٥) [قال سيبويه : وأما الألف والهاء اللتان لحقتا «أيا» توكيدا فكأنك كررت «يا» مرتين إذا قلت : «يأيها»] (٥) وصار الاسم تنبيها. هذا كلامه. وهو حسن جدا ، وقد وقع عليه الزمخشري (٦) فقال : وكلمة التنبيه المقحمة بين الصفة وموصوفها لفائدة تبيين معاضدة (٧) حرف النداء ومكاتفته (٨) بتأكيد معناه ووقوعها عوضا مما يستحقه (٩) ، أي من الإضافة.
__________________
(١) في المخطوطة (وبشفاعة).
(٢) في المخطوطة (للمؤمن النار).
(٣) في المخطوطة (تختص).
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٦) انظر المفصل ص ٣٠٩ ، في القسم الثالث من الكتاب ، وهو قسم الحروف ، فصل حروف النداء.
(٧) في المخطوطة (مقاصده).
(٨) في المخطوطة (ومخالفته).
(٩) في المخطوطة (تستحقه).