بالله جل ثناؤه ، ويتأدّى بتلاوتها منه لله تعالى عبادة ، لما فيها من ذكر [اسم] (١) الله تعالى ، جدّه بالصفات العلا على سبيل الاعتقاد [لها] (١) وسكون النفس إلى فضل الذكر وبركته ؛ فأما آيات الحكم فلا يقع بنفس تلاوتها إقامة حكم ، وإنما يقع [٦٦ / ب] بها علم (٢) [وإذكار فقط ، فكان ما قدمناه قبلها أحق باسم الخير والأفضل] (٢).
قال : ثم لو قيل في الجملة : إن القرآن خير من التوراة والإنجيل والزبور ، بمعنى أن التعبّد بالتلاوة والعمل واقع به دونها ، والثواب يحسب بقراءته لا بقراءتها ، أو أنه من حيث الإعجاز حجة النبيّ المبعوث ، وتلك الكتب لم تكن معجزة ، ولا كانت حجج أولئك الأنبياء بل كانت دعوتهم والحجج غيرها ؛ وكان ذلك أيضا نظير ما مضى.
وقد يقال : إن سورة أفضل من سورة ؛ لأن الله تعالى اعتدّ قراءتها كقراءة أضعافها ممّا سواها ، وأوجب بها من الثواب ما لم يوجب بغيرها ، وإن كان المعنى الذي لأجله بلغ بها هذا المقدار لا يظهر لنا ، كما يقال : (٣) إن يوما أفضل من يوم (٣) ، وشهرا أفضل من شهر ؛ بمعنى أن العبادة فيه تفضل على العبادة في غيره ، والذنب يكون أعظم من الذنب منه في غيره. وكما يقال : إن الحرم أفضل من الحلّ لأنه يتأدّى فيه من المناسك ما لا يتأدّى في غيره ، والصلاة فيه تكون كصلاة مضاعفة مما تقام في غيره. والله أعلم» (٤).
فصل
قال ابن العربيّ (٥) : إنّما صارت آية الكرسي أعظم لعظم مقتضاها ، فإن الشيء [إنما] (٦) يشرف بشرف ذاته ومقتضاه ومتعلّقاته ، وهي [في] (٦) آي القرآن ك (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) في سوره ، إلاّ أن سورة الإخلاص تفضلها بوجهين : أحدهما أنها سورة وهذه آية ، فالسورة أعظم [من الآية] (٦) ، لأنه وقع التحدي بها ، فهي أفضل من الآية التي [لم] (٦) يتحدّ بها. والثاني أن سورة الإخلاص اقتضت التوحيد في خمسة عشر حرفا وآية الكرسي اقتضت التوحيد في خمسين
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) ليست في المطبوعة والصواب إثباتها كما عند الحليمي.
(٣) تحرفت في المطبوعة والمخطوطة إلى (إن قوما أفضل من قوم) والتصويب من الحليمي.
(٤) هذا تمام قول الحليمي ، وقد ساقه في كتابه المنهاج في شعب الإيمان ٢ / ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ضمن الباب التاسع عشر وهو في تعظيم القرآن.
(٥) هو محمد بن عبد الله بن محمد أبو بكر بن العربي تقدم التعريف به في ١ / ١٠٩.
(٦) ليست في المخطوطة.