قرأ هذه الآية تذكّر أفعاله في نفسه وذنوبه فيما بينه وبين غيره من الظّلامات والغيبة وغيرها ، وردّ ظلامته (١) ، واستغفر من كلّ ذنب قصّر في عمله ، ونوى أن يقوم بذلك ويستحلّ كلّ [من] (٢) بينه وبينه شيء من هذه الظّلامات [وغيرها] (٣) ، من كان منهم حاضرا ، وأن يكتب إلى من كان غائبا ، وأن يردّ ما كان يأخذه على من أخذه منه ، فيعتقد هذا في وقت قراءة القرآن حتى يعلم الله تعالى منه أنه قد سمع وأطاع ؛ فإذا فعل الإنسان هذا كان قد قام بكمال ترتيل القرآن ؛ فإذا وقف على آية لم يعرف ، معناها يحفظها حتى يسأل عنها من يعرف معناها ؛ ليكون متعلّما لذلك طالبا للعمل به ، وإن كانت الآية قد اختلف فيها اعتقد من قولهم أقلّ ما يكون ، وإن احتاط (٤) على نفسه بأن يعتقد أوكد ما في ذلك كان أفضل له وأحوط لأمر دينه.
وإن كان ما يقرؤه من الآي فيما قصّ الله على الناس من خبر من مضى من الأمم فلينظر في ذلك ، وإلى ما صرف الله عن هذه الأمة منه (٥) ، فيجدّد لله على [ذلك] (٦) شكرا.
وإن كان ما يقرؤه من الآي مما أمر الله به أو نهى عنه أضمر (٧) قبول الأمر والائتمار ، والانتهاء عن المنهيّ والاجتناب له فإن (٨) [كان ما يقرؤه من ذلك وعيدا وعد الله به المؤمنين فلينظر إلى قلبه ، فإن جنح إلى الرجاء فزّعه بالخوف ، وإن جنح إلى الخوف فسح له في الرجاء ، حتى يكون خوفه ورجاؤه معتدلين ، فإنّ ذلك كمال الإيمان.
وإن] (٨) كان ما يقرؤه (٩) من الآي من المتشابه الذي تفرّد الله بتأويله ، (١٠) [فليعتقد الإيمان به كما أمر الله تعالى فقال : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ)] (١٠) (آل عمران : ٧) يعني عاقبة الأمر منه ، ثم قال تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ) (آل عمران : ٧).
وإن كان موعظة اتّعظ بها ، فإنه إذا فعل هذا فقد نال كمال الترتيل.
__________________
(١) في المخطوطة (ظلامه).
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) ساقطة من المطبوعة.
(٤) في المخطوطة (أحاط).
(٥) في المخطوطة (منهم).
(٦) ساقطة من المخطوطة.
(٧) في المخطوطة (ضمير).
(٨) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٩) في المخطوطة (الآي).
(١٠) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.