الكتابة ، فإن شارط لتعليم القرآن أرجو أنه لا بأس به ؛ لأنّ المسلمين قد توارثوا ذلك واحتاجوا إليه.
(وأما الثالث) فيجوز في قولهم جميعا ؛ لأنّ النبي صلىاللهعليهوسلم كان معلّما للخلق وكان يقبل الهدية. ولحديث اللّديغ لما رقوه بالفاتحة ، وجعلوا له جعلا وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «واضربوا لي معكم فيها بسهم» (١).
(مسألة) (٢) وليدمن على تلاوته بعد تعلّمه ، قال الله تعالى مثنيا على من كان دأبه تلاوة آيات الله : (يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ) (آل عمران : ١١٣) وسمّاه ذكرا ، وتوعّد المعرض عنه ومن تعلّمه ثم نسيه. وفي «الصحيحين» : «تعاهدوا القرآن ؛ فو الّذي نفس محمد بيده لهو أشدّ تفلتا من الإبل في عقالها» (٣). وقال : «بئسما لأحدهم أن يقول نسيت آية كيت وكيت بل هو نسّى استذكروا القرآن فلهو أشدّ تقصّيا في صدور [٦٩ / ب] الرجال من النّعم في عقلها» (٤).
(مسألة) يستحبّ الاستياك وتطهير فمه ، والطهارة للقراءة باستياكه ، وتطهير بدنه بالطيب المستحبّ تكريما لحال التلاوة ، لا بسا من الثياب ما يتجمل به بين الناس ؛ لكونه بالتلاوة بين يدي المنعم المتفضّل بهذا الإيناس ، فإنّ التالي للكلام ، بمنزلة المكالم لذي الكلام ، وهذا غاية التشريف من فضل الكريم العلاّم. ويستحب أن يكون جالسا مستقبل القبلة ؛ سئل سعيد بن المسيّب عن حديث وهو متكئ ؛ فاستوى جالسا وقال : «أكره أن أحدّث عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأنا متكئ» وكلام الله تعالى أولى.
__________________
(١) من حديث لعبد الله بن عباس رضياللهعنهما ، أخرجه البخاري في الصحيح ٤ / ٤٥٣ ، كتاب الإجارة (٣٧) ، باب ما يعطى في الرقية ... (١٦) ، الحديث (٢٢٧٦) ، وانظر الحاشية رقم (١) في ٢ / ٩٠.
(٢) في المطبوعة (فصل).
(٣) متفق عليه من حديث أبي موسى الأشعري رضياللهعنه أخرجه البخاري في الصحيح ٩ / ٧٩ ، في كتاب فضائل القرآن (٦٦) ، باب استذكار القرآن وتعاهده (٢٣) ، الحديث (٥٠٣٣) ، وأخرجه مسلم في الصحيح ١ / ٥٤٥ ، كتاب صلاة المسافرين (٦) ، باب الأمر بتعهد القرآن ... (٣٣) ، الحديث (٢٣١ / ٧٩١) وقوله «تفصيا» أي تفلتا وتخلصا (ابن حجر ، فتح الباري ٩ / ٨١) وفي المخطوطة (عقلها) كما في صحيح البخاري.
(٤) متفق عليه من حديث عبد الله بن مسعود رضياللهعنه أخرجه البخاري في الصحيح ٩ / ٧٩ ، كتاب فضائل القرآن (٦٦) ، باب استذكار القرآن وتعاهده (٢٣) ، الحديث (٥٠٣٢) ، ومسلم في الصحيح ١ / ٥٤٤ ، كتاب صلاة المسافرين (٦) باب الأمر بتعهد القرآن ... (٣٣) ، الحديث (٢٨٨ / ٧٩٠). وفي المخطوطة (عقلها) كما في صحيح البخاري.