ويستحب أن يكون متوضّئا ، ويجوز للمحدث ، قال إمام الحرمين وغيره : لا يقال إنها مكروهة ، فقد صح أنه صلىاللهعليهوسلم كان يقرأ مع الحدث وعلى كل حال سوى الجنابة. وفي معناها الحيض والنفاس. وللشافعيّ قول قديم في الحائض ؛ تقرأ خوف النسيان.
وقال أبو الليث (١) : لا بأس أن يقرأ الجنب والحائض أقلّ من آية واحدة ، قال : وإذا أرادت الحائض التعلّم فينبغي لها أن تلقّن نصف آية ، ثم تسكت ولا تقرأ آية واحدة بدفعة واحدة. وتكره القراءة حال خروج الريح ؛ وأما غيره من النواقض كاللمس والمسّ ونحوه فيحتمل عدم الكراهة ؛ لأنه غير مستقذر عادة ، ولأنه في حال خروج الريح يبعد (٢) بخلاف هذه.
(مسألة) يستحب التعوذ قبل القراءة ، فإن قطعها قطع ترك ، وأراد العود جدّد ، وإن قطعها لعذر عازما على العود كفاه التعوذ الأول ما لم يطل الفصل. ولا بدّ من قراءة البسملة أول كل سورة تحرّزا من مذهب الشافعيّ ؛ وإلا كان قارئا بعض السور لا جميعها ؛ فإن قرأ من أثنائها استحب له البسملة أيضا ، نص عليه الشافعي رحمهالله فيما نقله العبادي (٣).
وقال الفاسي (٤) في «شرح القصيدة» : كان بعض شيوخنا يأخذ علينا في الأجزاء القرآنية بترك البسملة ، ويأمرنا بها في حزب : (اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ) (البقرة : ٢٥٥) ؛ وفي حزب (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ) (فصّلت : ٤٧) لما فيهما بعد الاستعاذة من قبح اللفظ. وينبغي لمن أراد ذلك أن يفعله ، إذا ابتدأ مثل ذلك ، نحو : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ) (الروم : ٥٤) ، (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ
__________________
(١) السمرقندي تقدم ١ / ٣٢٢.
(٢) في المخطوطة (بتغيره).
(٣) تقدم التعريف به في ٢ / ٨٨.
(٤) تصحفت في المخطوطة إلى (الفارسي) وهو محمد بن حسن بن محمد المغربي الفاسي المقرئ نزيل حلب قرأ القراءات على أصحاب الشاطبي ، وتفقه على مذهب أبي حنيفة رحمهالله وكان إماما متفننا ذكيا ، واسع العلم ، كثير المحفوظ بصيرا بالقراءات وعللها ، وأخذ عنه خلق كثير. وكان يعرف الكلام على طريقة أبي الحسن الأشعري ت ٦٥٦ ه (الذهبي ، معرفة القراء ٢ / ٦٦٨) وكتابه مخطوط بالأزهر رقم ٢٥٨ / ٢٢٢٦٥ ، ورافعي ٢٧٥ / ٢٢٦٦١١ ، وفي آيا صوفيا رقم ٤٩ ، ٥٠ ، وفي التيمورية رقم ٢١٣ ، وفي الاوقاف ببغداد ٢٢٥٣ ، وفي المكتبة المحمدية بالجامع الزيواني بالموصل رقم ٢٣٠ (معجم الدراسات القرآنية : ٥٤٠).