(مسألة) ويكره قطع القرآن لمكالمة الناس ، وذلك أنه إذا انتهى في القراءة إلى آية وحضره كلام فقد استقبله التي بلغها والكلام ، فلا ينبغي أن يؤثر كلامه على قراءة القرآن ، قاله الحليميّ (١) ، وأيّده البيهقي بما رواه البخاري ، «كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلّم حتى يفرغ منه» (٢).
(مسألة) لا تجوز قراءته بالعجمية سواء أحسن العربية أم لا ، في الصلاة أو خارجها ، لقوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) (يوسف : ٢) ، وقوله : (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا) (فصّلت : ٤٤).
وقيل عن أبي حنيفة : تجوز قراءته بالفارسية مطلقا ، وعن أبي يوسف : إن لم يحسن العربية ؛ لكن صحّ عن أبي حنيفة الرجوع عن ذلك ، حكاه عبد العزيز (٣) في «شرح البزدويّ».
واستقرّ الإجماع على أنه تجب قراءته على هيئته التي يتعلّق بها الإعجاز لنقص الترجمة عنه ، ولنقص غيره من الألسن عن البيان الذي اختص به دون سائر الألسنة. وإذا لم تجز قراءته بالتفسير العربي لمكان التحدي بنظمه ، فأحرى أن لا تجوز الترجمة بلسان غيره ؛ ومن هاهنا قال القفال (٤) من أصحابنا : «عندي أنه لا يقدر أحد أن يأتي بالقرآن بالفارسية ، قيل له : فإذن لا يقدر أحد أن يفسّر القرآن ، قال : [ليس] (٥) كذلك ؛ لأن هناك يجوز أن يأتي ببعض مراد [٧٠ / ب] الله ويعجز عن البعض ؛ أما إذا أراد أن يقرأه بالفارسية فلا يمكن أن يأتي بجميع مراد
__________________
(١) تقدم ذكره في ١ / ٣٢٢ ، وانظر كتابه «المنهاج في شعب الإيمان» ٢ / ٢٢٩.
(٢) البخاري ، الصحيح ٨ / ١٨٩ ، كتاب التفسير (٦٥) ، سورة البقرة ، باب نساؤكم حرث لكم (٣٩) الحديث (٤٥٢٦).
(٣) هو عبد العزيز بن أحمد بن محمد ، علاء الدين البخاري الحنفي تفقه على عمه محمد المايمرغني ، وأخذ أيضا عن حافظ الدين الكبير محمد البخاري ، وتفقه عليه قوام الدين محمد الكاكي وجلال الدين عمر بن محمد الجنازي وغيرهما له من التصانيف «شرح أصول البزدوي» المسمّى «كشف الأسرار» ووضع كتابا على الهداية ت ٧٣٠ ه (اللكنوي الفوائد البهية ص : ٩٤) وكتابه طبع في استانبول عام ١٣٠٧ ه / ١٨٨٩ م.
(٤) هو محمد بن علي بن إسماعيل القفال الفقيه أبو بكر الشاشي الشافعي كان إمام عصره بما وراء النهر كان فقيها مفسّرا محدّثا ، أصوليا ، لغويا ، رحل إلى خراسان ، والعراق ، والشام ، وسار ذكره واشتهر اسمه روى عنه الحاكم ، وابن منده ، والحليمي وغيرهم ، من مصنفاته «أصول الفقه» ت ٣٦٥ ه (الذهبي ، سير أعلام النبلاء ١٦ / ٢٨٣).
(٥) ساقطة من المخطوطة.