وقال الكواشي (١) في تفسير سورة الدخان : «أجاز أبو حنيفة القراءة بالفارسية بشريطة ؛ وهي أن يؤدّي القارئ المعاني كلّها من غير أن ينقص منها شيئا أصلا. قالوا : وهذه الشريطة تشهد أنها إجازة كلا إجازة ؛ لأن كلام العرب ـ خصوصا القرآن الذي هو معجز فيه ـ من لطائف المعاني والإعراب ما لا يستقل (٢) به لسان من فارسية وغيرها».
وقال الزمخشري (٣) : ما كان أبو حنيفة يحسن الفارسية ؛ فلم يكن ذلك منه عن تحقيق وتبصر ، وروى عليّ بن الجعد (٤) عن أبي يوسف عن أبي حنيفة مثل صاحبيه في القراءة بالفارسية.
(مسألة) ولا تجوز قراءته بالشواذ ، وقد نقل ابن عبد البر الإجماع على منعه ؛ فقد سبق في الحديث : «كان يمد مدّا» (٥) ؛ يعني أنه يمكّن الحروف ولا يحذفها ، وهو الذي يسميه (٦) القرّاء (٧) [بالتجويد في القرآن ، والترتيل أفضل من الإسراع ، فقراءة حزب مرتّل مثلا في مقدار من الزمان ، أفضل من قراءة حزبين في مثله بالإسراع.
(مسألة) يستحب قراءته بالتفخيم والإعراب لما يروى : «نزل القرآن] (٧) بالتفخيم» (٨) ، قال الحليمي : «معناه أن يقرأ على قراءة الرجال ، ولا يخضع الصوت فيه ككلام النساء ، قال : ولا يدخل في كراهة الإمالة التي هي اختيار بعض القراء ، وقد يجوز أن يكون القرآن نزل بالتفخيم ، فرخّص مع ذلك في إمالة ما يحسن إمالته على لسان جبريل عليهالسلام».
__________________
(١) هو أحمد بن يوسف موفق الدين المفسّر تقدم التعريف به في ١ / ٢٧٢.
(٢) في المخطوطة (يشتغل).
(٣) انظر قوله في الكشاف ٣ / ١٢٧ في تفسير قوله تعالى : (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) [الشعراء : ١٩٥] ، وانظر أيضا رءوس المسائل : ١٥٩ ، المسألة (٦٢).
(٤) تصحف الاسم في المخطوطة إلى (أبي الجعدي) وهو علي بن الجعد بن عبيد الجوهري ، أبو الحسن البغدادي ، المحدّث روى عن حريز بن عثمان ، وشعبة والثوري ، ومالك وغيرهم ، وعن البخاري وأبو داود ، وأحمد ، ويحيى بن معين ، وغيرهم. قال ابن معين : «ثقة صدوق» ت ٢٣٠ ه (ابن حجر ، تهذيب التهذيب ٧ / ٢٩٢).
(٥) الحديث أخرجه البخاري في الصحيح ٩ / ٩١ ، كتاب فضائل القرآن (٦٦) ، باب مدّ القراءة (٢٩) الحديث (٥٠٤٥).
(٦) في المخطوطة (تسميه).
(٧) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٨) ذكره الحليمي في المنهاج ٢ / ٢٣٨ ، وأخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ٢٣١ ، كتاب التفسير باب قراءات النبي صلىاللهعليهوسلم مما لم يخرجاه وقد صح سنده.