وذو الحدث الدائم كالمبطون وصاحب السلس والمستحاضة ينوي الاستباحة فإن اقتصر على رفع الحدث
______________________________________________________
يستفاد من الاستناد إلى وجوب قصد المأمور به على الوجه المأمور به. وقد مرَّ أنّ في الكتب الكلاميّة أنّ مذهب العدليّة أنّه يشترط في استحاق الثواب على واجب أن يوقع لوجوبه أو وجه وجوبه وكذا المندوب. قال في «جامع المقاصد» وإنّما كانت نيّة الوجه كافية ، لأنّه يستلزم نيّة الوجوب والندب ، لاشتمالها عليها وزيادة فكان أبلغ. قال : والمراد بوجه الوجوب والندب السبب الباعث على إيجاب الواجب وندب المندوب ، فهو على ما قرّره جمهور العدليين من الإماميّة والمعتزلة لطف ، لأنّ السمعيّات ألطاف في العقليّات. ومعناه أنّ الواجب السمعي مقرّب من الواجب العقلي أي امتثاله باعث على امتثاله ، فإنّ من امتثل الواجبات السمعيّة كان أقرب إلى امتثال الواجبات العقليّة من غيره. ولا معنى للطف إلّا ما يكون المكلّف معه أقرب إلى الطاعة. وكذا الندب السمعي مقرّب من الندب العقلي أو مؤكّد لامتثال الواجب العقلي ، فهو زيادة في اللطف والزيادة في الواجب لا يمتنع أن تكون ندباً. قال : ولا نعني أنّ اللطف في العقليّات منحصر في السمعيّات ، إذ النبوّة والإمامة ووجود العلماء والوعد والوعيد بل جميع الآلام تصلح للألطاف فيها (١) ، انتهى.
وعند بعض المعتزلة (٢) أنّ الوجه ترك المفسدة اللازمة من الترك وعند الكعبي أنّه الشكر وعند الأشعريّة أنّه مجرّد الأمر.
[نيّة وضوء دائم الحدث]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وذو الحدث الدائم كالمبطون وصاحب السلس والمستحاضة ينوي الاستباحة ، فإن اقتصر على
__________________
(١) جامع المقاصد : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ٢٠٢.
(٢) نقله عنهم في كشف اللثام : كتاب الطهارة في نيّة الوضوء ج ١ ص ٥٠٨.