.................................................................................................
______________________________________________________
هذا وقد يقال (١) على قولهم يجب على المتمكّن التعلّم لعدم المشقّة إنّه إنّما يسهل معرفة الجدي مثلاً وإنّ من وقف بحيث حاذى منكبه الأيمن كان مستقبلاً ومعرفة مجرّد ذلك تقليد. وأمّا دليل كونه مستقبلاً إذا حاذى منكبه الأيمن فهو إمّا الإجماع أو الخبر أو البرهان الرياضي فهو كسائر أدلّة سائر الأحكام مع أنّ النصّ إنّما ورد بالجدي على وجهين وهو مخصوص ببعض الآفاق ، ولا إجماع على سائر العلامات وإنّما استنبطت بالبراهين الرياضية. والجواب أنه يكفي في الدليل مشاهدة المسلمين في بلدة متّفقين على الصلاة إلى جهة ، إذ يكفي العامي حينئذٍ أن يريه معلّمه الجدي أو سائر العلامات بحيث يحصل له العلم.
وليعلم أنّ أكثر الأصحاب (٢) على تقديم الاجتهاد وجوباً على الصلاة إلى أربع جهات إذا تمكّن من الاجتهاد والصلاة كذلك ، بل في «كشف اللثام (٣) الظاهر إجماع المسلمين على تقديمه وجوباً على الأربع قولاً وفعلاً وإن فعل الأربع حينئذٍ كان بدعة. واستظهر الشهيد في «الذكرى (٤)» من «التهذيب والخلاف» أنّ الاجتهاد لا يكون إلّا إذا لم تتيسّر الصلاة إلى أربع جهات. قلت : حمل الشيخ (٥) في «التهذيبين» أخبار الاجتهاد على ما إذا لم تتيسّر الصلاة لأربع جهات لمانع. وظاهر المحدّث الكاشاني والاستاذ دام ظلّه أو صريحهما التخيير بين الأمرين. ويأتي نقل عبارتيهما كما يأتي تأويل كلام الشيخ ، لأنه لا يقول به على الظاهر أحد ، لأنه لو وجب تقديم الأربع على الاجتهاد لوجب على عامّة الناس ، وذلك لأنّ غير المشاهد للكعبة ومَن بحكمه ليس إلّا مجتهداً أو مقلّداً. فلو تقدّمت الأربع
__________________
(١) كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٦٨.
(٢) منهم : الصيمري في كشف الالتباس : في القبلة ص ٨٩ س ١٧ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣) والمحقّق في الشرائع : كتاب الصلاة في المستقبل ج ١ ص ٦٦.
(٣) كشف اللثام : في المستقبل ج ٣ ص ١٦٢.
(٤) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٧١.
(٥) تهذيب الأحكام : باب ٥ في القبلة ذيل ح ١٤٨ ج ٢ ص ٤٦ والاستبصار : أبواب القبلة ذيل ح ١٠٨٩ ج ١ ص ٢٩٥ ٢٩٦.