.................................................................................................
______________________________________________________
وقال في «الذكرى» : هذه الرواية معتضدة بالعمل من عظماء الأصحاب وبالبعد من قول العامّة ، إلّا أنه يلزم من العمل بها سقوط الاجتهاد بالكلّية في القبلة ، لأنها مصرّحة به والأصحاب مفتون بالاجتهاد. ويمكن أن يكون الاجتهاد الّذي صار إليه الأصحاب هو ما أفاد القطع بالجهة في نحو مطلع الشمس ومغربها ودلالة الكوكب دون الاجتهاد المفيد للظنّ كالرياح أو ظنّ بعض الكواكب ، الكوكب الّذي هو العلامة مع عدم القطع به (١).
قلت : هذا الاحتمال كاد يكون صريح «الوسيلة (٢)» وظاهر «الشيخين (٣)» وقد احتمله في «كشف اللثام» قال بعد أن ذكر الاحتمال الّذي ذكرناه أوّلاً : ويحتمل أن يكون الاجتهاد الجائز ما استند إلى رؤية الجدي أو المشرق أو المغرب أو العلم بها للنصّ عليها ، فإذا فقد العلم بها تعيّنت الصلاة أربعاً مع الإمكان ولم يجز الاجتهاد بوجه آخر. قال : ولعلّه ظاهر قول الشيخين في المقنعة والنهاية والمبسوط والجُمل والاقتصاد والمصباح بعد ذكرهما الأمارة السماوية : من فقدها صلّى أربعاً. ونحوهما ابن سعيد. وأظهر فيه منه قول ابن حمزة : إنّ فاقد الأمارات يصلّي أربعاً مع الاختيار ، ومع الضرورة يصلّي إلى جهة تغلب على ظنّه. قال : وأمّا السيّد والحلبيّان وسلّار والقاضي والفاضلان فأطلقوا أنّ الأربع إذا لم تعلم القبلة ولا ظنّت ، وكلام ابن ادريس يحتملهما ، انتهى والأمر كما نقل (٤).
وهل يقلّد العارف الّذي فقد الأمارات أو تعارضت عنده أو يصلّي إلى الأربع؟ قولان ، ذهب إلى الأوّل في موضع من «المبسوط (٥)» حيث قال : ومتى فقد أمارات القبلة أو يكون ممّن لا يحسن ذلك وأخبره عدل مسلم بكون القبلة في جهة بعينها جاز له الرجوع إليه ، انتهى. وقد فهم منه ذلك المحقّق (٦)
__________________
(١) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٨٢.
(٢) الوسيلة : في القبلة ص ٨٦.
(٣) المقنعة : في القبلة ص ٩٦ ، المبسوط : في القبلة ج ١ ص ٧٨.
(٤) كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٦٣ ١٦٤.
(٥) المبسوط : في القبلة ج ١ ص ٧٩.
(٦) المعتبر : في القبلة ج ٢ ص ٧١.