.................................................................................................
______________________________________________________
تعالى وإخلاصاً مع قصد الوجه أو غير ذلك. ولو لم تكن منقولة لم يكن لقولهم : هي شرط في العبادات دون المعاملات ، معنى أصلاً ، لأنّ الفعل الاختياري لا يمكن صدوره بغير قصد ذلك الفعل وغايته. فلو كلّفنا الله تعالى بالفعل من دون القصد كان تكليفاً بالمحال. والعبادات وغيرها في ذلك سواء ، فلا وجه لاشتراطها في العبادات فقط. وأمّا على المعنى المنقولة إليه ، كما قلنا ، فإنّه يصحّ اشتراطها ، لأنّه يجوز انفكاكها ، بل لا يتأتّى ذلك عن النفوس الأمّارة بالسوء إلّا بمجاهدات كثيرة ، ولذا ورد الحثّ على تخليص العمل.
قال : ومن هنا ظهر فساد ما في المدارك وغيرها من أنّ الخطب سهل في النيّة وأنّ المعتبر فيها تخيّل المنوي بأدنى توجّه وأنّ هذا القدر لا ينفكّ عنه أحد ، وفساد ما قيل : إنّ اشتراط النيّة من بدع المتأخّرين تبعاً للعامّة وإلّا فالرواة والقدماء ما كانوا يتعرّضون للنيّة أصلاً.
قال : ووجه ظهور فساد هذا أنّ الإخلاص في العبادة شرط والرياء شرك. والقدماء من الرواة والفقهاء صرّحوا بوجوب النيّة المذكورة وذكروا أخباراً كثيرة بل متواترة كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّما الأعمال بالنيّات» وقوله وقول الأئمة صلّى الله عليه وعليهم : «لا عمل إلّا بنيّة» وغير ذلك ممّا دلّ على حرمة الرياء وقصد غير الله تعالى ولو بالشراكة وما دلّ على وجوب الطاعة لله سبحانه والحجج صلّى الله عليهم. والأخبار في ذلك بعد الآيات الشريفة تزيد على التواتر. والإطاعة لا تتحقّق إلّا بالإتيان بالفعل على الوجه الّذي أراد وطلبه وبقصد أنّه أراده وطلبه. فلو فعله لا بذلك لم يكن ممتثلاً. نعم لم يذكروا ذلك في كلّ عمل وعبادة كالمتأخّرين ، بل ذكروا ذلك بعنوان الكلّية والقاعدة لكلّ عبادة. والمتأخّرون لمّا كان غرضهم الشرح التامّ وكشف المرام بالإبرام ، كما فعلوا ذلك بالنسبة إلى سائر الأحكام ذكروا ذلك مع كلّ عبادة صوناً عن الجهل والغفلة ، شكر الله تعالى مساعيهم الجميلة ، انتهى كلامه ، شكر الله تعالى عمله وأطال عمره. فكانت النيّة عنده سهلة من حيث إنّها الداعي دون الحاضرة في البال صعبة من حيث الإخلاص.