.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا ما وقع في المقام الثاني فالظاهر من كلام أكثر علمائنا وإجماعاتهم أنّها متواترة إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم ونقل الإمام الرازي اتفاق أكثر أصحابه على ذلك كما يأتي نقل كلامه. وقال الشهيد الثاني في «المقاصد العلية (١)» : إنّ كلًّا من القراءات السبع من عند الله تعالى نزل به الروح الأمين على قلب سيّد المرسلين صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلّم الطاهرين تخفيفاً على الامّة وتهويناً على أهل هذه الملّة.
قلت : وروى الصدوق في «الخصال (٢)» بإسناده إليهم قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أتاني آتٍ من الله عزوجل يقول : إنّ الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد. فقلت : يا ربي وسّع على امتي. فقال : إنّ الله تعالى يأمرك أن تقرأ على سبعة أحرف» وربّما استدلّ عليه بقول الصادق عليهالسلام في خبر حمّاد بن عثمان (٣) «إنّ القرآن نزل على سبعة أحرف وأدنى ما للإمام أن يفتي على سبعة وجوه .. الحديث» وفي دلالته تأمّل.
وقال الشيخ في «التبيان (٤)» : إنّ المعروف من مذهب الإمامية والتطلّع في أخبارهم ورواياتهم أنّ القرآن نزل بحرف واحد على نبيّ واحد غير أنّهم أجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله القرّاء وأنّ الإنسان مخيّر بأيّ قراءة شاء قرأ وكرهوا تجريد قراءة بعينها ، انتهى.
وقال الطبرسي في «مجمع البيان (٥)» : الظاهر من مذهب الإمامية أنّهم أجمعوا على القراءة المتداولة بين القرّاء وكرهوا تجريد قراءة مفردة ، والشائع في أخبارهم أنّ القرآن نزل بحرف واحد ، انتهى. وكلام هذين الإمامين قد يعطي أنّ التواتر إنّما هو لأربابها.
__________________
(١) المقاصد العلية : في القراءة ص ٢٤٥.
(٢) الخصال : ح ٤٤ ج ٢ ص ٣٥٨.
(٣) الخصال : ح ٤٣ ج ٢ ص ٣٥٨.
(٤) التبيان : المقدّمة ج ١ ص ٧.
(٥) مجمع البيان : المقدّمة ج ١ ص ٢٥ ط دار مكتبة الحياة بيروت.