.................................................................................................
______________________________________________________
ويؤيّد * ذلك ما سمعته عن هؤلاء الجماعة من العامّة وأنّ الظاهر من قولهم أنّ هؤلاء متبحّرون أنّ أحدهم كان إذا برع وتمهّر شرع للناس طريقاً في القراءة لا يعرف إلّا من قبله ولم يرد على طريقة مسلوكة ومذهب واضح متواتر محدود وإلّا لم يختص به ، ووجب على مقتضى الغالب في العادة أن يعلم به الآخر المعاصر له ، لاتحاد الفن وعدم البعد عن المأخذ. وكيف نطّلع نحن على تواتر قراءات هؤلاء ولا يطلّع بعضهم على ما تواتر إلى الآخر؟ إنّ ذلك لمستبعد جدّا إلّا أن يقال إنّ كلّ واحد من السبعة ألّف طريقته من متواترات كان يعلمها الآخر لكنّه اختار هذه دون غيرها من المتواترات لمرجّح ظهر له كالسلامة من الإمالة والروم ونحو ذلك. فطريقته متواترة وإن لم تكن الهيئة التركيبية متواترة وبذلك حصل الاختصاص والامتياز. وإن صحّ ما نقله الرازي من منع بعضهم الناس عن قراءة غيره اشتدّ الخطب وامتنع الجواب.
والشهيد الثاني أجاب عمّا اشكل على الرازي كما سمعت بأنّه ليس المراد بتواترها أنّ كلّ ما ورد من هذه السبع متواتر بل المراد انحصار المتواتر الآن فيما نقل من هذه القراءات ، فإنّ بعض ما نقل عن السبعة شاذّ فضلاً عن غيرهم كما حقّقه
__________________
(*) وقد يؤيّد ذلك بما قيل (١) من أنّ كتب القراءة والتفسير مشحونة من حكاية قراءة أهل البيت عليهمالسلام يقولون قرأ عاصم كذا وقرأ علي عليهالسلام كذا إلّا أن يجاب بحمل ما روي عنهم عليهمالسلام رواية الآحاد أو أنّ ذلك كان من المتواترات الذي اختارها عاصم مثلاً ، فلا مانع من أن يكون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أو علي عليهالسلام قرأ ببعض المتواترات وقرأ عاصم بالبعض الآخر. ومنه يعلم حال ما يقال (٢) : إنّ لكلّ واحد راويين فمن أين حصل التواتر؟ لأنّا نقول : الراويان ما رويا أصل التواتر وإنّما رويا المختار من المتواتر كما ستعرف (منه عفا الله تعالى عنه).
__________________
(١) القائل هو السيّد نعمة الله الجزائري ونقله عنه في القوانين : ج ١ ص ٤٠٨ عن كتابه منبع الحياة.
(٢) القائل هو السيّد نعمة الله الجزائري ونقله عنه في القوانين : ج ١ ص ٤٠٧ عن كتابه المذكور.