وقصار المفصَّل في الظهرين والمغرب ونوافل النهار ، ومتوسّطاتُه في العشاء ، ومطوّلاتُه في الصبح ونوافل الليل ،
______________________________________________________
لجأت إليه ، وفي أستعيذ موافقة لفظ القرآن إلّا أنّ أعوذ في هذا المقام أدخل في المعنى وأوفق ، لامتثال الأمر الوارد بقوله : «فَاسْتَعِذْ» لنكتة دقيقة وهي أنّ السين والتاء شأنهما الدلالة على الطلب ، فوردتا في الأمر إيذاناً بطلب التعوّذ ، فمعنى استعذ أي اطلب منه أن يعيذك ، فامتثال الأمر أن يقول : أعوذ بالله ، أي ألتجئ إليه ، فإنّ قائله متعوّذ قد عاذ والتجأ ، والقائل أستعيذ ليس بعائذٍ ، إنّما هو طالب العياذ به كما يقال أستخير الله أي أطلب خيرته ، واستقيله أي أطلب إقالته وأستغفره أي أطلب مغفرته لكنّه قد دخلت هنا في فعل الأمر وفي امتثاله بخلاف الاستعاذة. وبذلك يظهر الفرق بين الامتثال بقول أستغفر الله دون أستعيذ بالله ، لأنّ المغفرة إنّما تكون من الله فيحسن طلبها والالتجاء يكون من العبد فلا يحسن طلبه ، فتدبّر ذلك فإنّه لطيف. ويظهر منه أنّ كلام الجوهري ليس بذلك الحسن وقد ردّه عليه جماعة ، انتهى ما في الفوائد الملية.
وقد أنكر ذلك بعض متأخّري المتأخرين (١) فقال : لا يخفى أنه إذا كان معنى أستعذ أطلب منه أن يعيذك فامتثال الأمر بقوله أستعيذ ظاهر لا سترة فيه لأنّ معناه أطلب من الله أن يعيذني ، لأنّ السين والتاء شأنهما الدلالة على الطلب كما لا يخفى. وأمّا الامتثال بقوله أعوذ بالله فغير ظاهر إلّا بجعل هذه الجملة مراداً بها الطلب والدعاء ، وأمّا إذا بقيت على ظاهرها من الإخبار بالالتجاء فظاهر عدم تحقّق الامتثال بها.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وقصار المفصّل في الظهرين والمغرب ونوافل النهار ، ومتوسّطاته في العشاء ، ومطوّلاته في الصبح
__________________
(١) منهم صاحب الفوائد النجفية على ما نقله البحراني في الحدائق الناضرة : في مستحبّات القراءة ج ٨ ص ١٦٦.