.................................................................................................
______________________________________________________
ونسب الشهيد في «البيان» إلى المفيد القول بوجوبه في الركعة الاولى من الجمعة (١) ، وكلام المفيد كذا : ومن صلّى خلف إمام بهذه الصفات وجب عليه الإنصات عند قراءته والقنوت في الاولى من الركعتين في فريضة ، وفي نسخة اخرى : في فريضته (٢). ولعلّه يريد موضع وجوبه وهو الجمعة.
وقد أجاب جماعة من متأخّري المتأخّرين (٣) عن الاستدلال على الوجوب بالآية الكريمة بأنّها إنّما أوجبت القيام عند القنوت والقنوت فيها يحتمل الخضوع والطاعة ، وإن سلّم أنّه الدعاء فكلّ من الأذكار الواجبة دعاء والفاتحة مشتملة على الدعاء ، على أنّ الاختصاص بالصلاة الوسطى قائم.
وفيه : أنّه لا قائل بالفصل وأنّه مبنيّ على نفي الحقيقة الشرعية ، لأنّ القنوت لفظ استعمل في معنى جديد وهو الدعاء في أثناء الصلاة في محلّ معيّن ، سواء كان مع رفع اليدين أم لا ، فلا يحمل عند القائل بثبوت الحقيقة الشرعية على شيء من المعاني الخمسة المذكورة في القاموس (٤) ، ولا على شيء ممّا ذكره ابن الأثير (٥) ، ولا يلتفت إلى قول المفسّرين (٦) بعد ما روي عن الصادقين عليهماالسلام أنّه الدعاء في الصلاة حال القيام. وهو الّذي نقله الطبرسي (٧) عن ابن عباس. وإرادة الدعاء الّذي في الفاتحة بعيدة جدّاً. وقد يعطي قول الرضا عليهالسلام في صحيح البزنطي «إذا كانت التقية فلا تقنت (٨)» دخول الرفع لليدين في القنوت ، إذ لا تقيّة غالباً إلّا فيه ، لكن
__________________
(١) البيان : في المستحبّات ص ٩٦.
(٢) المقنعة : في صلاة الجمعة ص ١٦٤ واختلاف النسخة ذكره في هامش المقنعة.
(٣) منهم المحقّق الكركي في جامع المقاصد : في القنوت ج ٢ ص ٣٣١ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام : ج ٤ ص ١٤٦ ، والبحراني في الحدائق الناضرة : في القنوت ج ٨ ص ٣٦٠ ، والسيّد العاملي في مدارك الأحكام : في المستحبّات ج ٣ ص ٤٤٣.
(٤) القاموس المحيط : ج ١ ص ١٥٥ مادة «قنت».
(٥) النهاية لابن الأثير : ج ٤ ص ١١١ مادة «قنت».
(٦) الكشاف : ج ١ ص ٢٨٨ ، والتبيان : ج ٢ ص ٢٧٦ (تفسير سورة البقرة).
(٧) مجمع البيان : ج ١ ص ٢٦٣ (تفسير سورة البقرة).
(٨) وسائل الشيعة : ب ٤ من أبواب القنوت ح ١ ج ٤ ص ٩٠١.