.................................................................................................
______________________________________________________
الجمعة الّتي حضر وقتها قبل السفر في السفر ، فحرمة السفر إنّما هي من جهة فوات نفس الجمعة وعدم التمكّن منها ، فقوله «متى حرم السفر لم تسقط الجمعة» فيه ما فيه ، لأنه غير متمكّن منها فكيف تكون واجبة عليه ، وعلى فرض وجوبها عليه مع عدم تمكّنه منها بناءً على أنّ التقصير منه فلا يمنع من التكليف بها وإن لم يتمكّن كما اختارة بعضهم فأيّ فائدة في هذا الوجوب ، لأنّ الحرام كان ترك الجمعة لا عدم وجوبها عليه والسفر كان ضدّ فعل الجمعة لا ضدّ الخطاب به. وأمّا على الفرض النادر فالظاهر أنّ السفر حلال بلا تأمّل ، إذ اللازم فعل الجمعة يومها ، هذا إذا أراد فعلها حال السفر وهو على وثوق بإدراكها فيه ، وإن لم يكن على وثوق فالظاهر أنّ حكمه حكم غير المتمكّن ، وأمّا إذا كان قصده عدم الفعل في السفر فالحرام هو قصده لا سفره ، لأنّ السفر لا يحرم إلّا من جهة عدم التمكّن من فعل هذه الجمعة وهو متمكّن والجمعة الّتي حضر وقتها يجب فعلها على أيّ حال ، والسفر لا يصير منشأً لسقوطها ، انتهى مجموع كلامه في الكتابين. ويأتي ما له نفع تامّ في هذا المقام.
الثاني : إذا سافر إلى جهة الجمعة أو عن جمعة إلى اخرى بين يديه يعلم إدراكها فقد اختلفت الكلمة فيه ، ففي «الذكرى» في جواز السفر بعد الزوال وانتفاء كراهته قبله نظر ، من إطلاق النهي وأنه مخاطب بهذه الجمعة ومن حصول الغرض ، ويحتمل أن يقال : إن كانت الجمعة في محلّ الترخصّ لم يجز ، لأنّ فيه إسقاطاً لوجوب الجمعة وحضوره فيما بعد تجديد للوجوب ، إلّا أن يقال : يتعيّن عليه الحضور وإن كان مسافراً ، لأنّ إباحة سفره مشروطة بفعل الجمعة (١) ، انتهى.
وفي «جامع المقاصد» هل يجوز السفر حينئذٍ بعد الزوال أو يكره؟ فيه نظر ، وذكر وجهي النظر كما في الذكرى ، ثمّ قال : ولا فرق بين كون الجمعة الّتي بين يديه في محلّ الترخّص وكونها قبله ، لأنّ السفر الطارئ على وجوبها لا يسقط
__________________
(١) ذكرى الشيعة : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١١٥.