.................................................................................................
______________________________________________________
فإن استووا في ذلك كلّه قدّم أشرفهم نسباً وأعلاهم قدراً ، فإن استووا في هذه الخصال قدّم أتقاهم وأورعهم ، لأنّه أشرف في الدين وأفضل وأقرب إلى الإجابة ، ثمّ قوّى تقديم هذا على الأشرف ، ثمّ قال : فإن استووا في ذلك كلّه فالأقرب القرعة ، لأنّهم أقرعوا في الأذان في عهد الصحابة فالإمام أولى (١). وقال في «الذكرى (٢)» : لو علّله بالأخبار العامّة في القرعة لكان حسناً. قلت : قد أشار إلى ذلك في «نهاية الإحكام (٣)».
والمراد بالورع العفّة وحسن السيرة وهو مرتبة وراء العدالة تبعث على ترك المكروهات والتجنّب عن الشبهات والرخص ، وكذا ذكر في «الذكرى (٤)» ثمّ قال : فلو تساويا في القراءة والفقه وزاد أحدهما في الورع الّذي هو العفة وحسن السيرة ففي تقديمه عندي نظر ، لعدم ذكر الأخبار والأصحاب له ومن اعتبار العدالة في الإمام تستتبع روادفها ، إذ الإمامة سفارة بين الله تعالى وبين الخلق وأولاهم بها أكرمهم على الله تعالى ، وكلّما كان الورع أتمّ كان تحقّق العدالة أشدّ ، فحينئذٍ يقدّم هذا على المراتب السابقة ، انتهى. وقيل (٥) : إنّ التقوى هو التجنّب عن الشبهات لئلّا يقع في المحرّمات ، والورع هو التجنّب عن المباحات لئلّا يقع في الشبهات.
وقال المقدّس الأردبيلي (٦) : ليس مَن ترك كثيراً من الامور الّتي هي عمدة في التقرّب مثل تحصيل العلوم والعبادات الشاقّة الكثيرة وقضاء حوائج المؤمنين مع أنّه يجتنب الشبهات ويتورّع عن المباحات يكون أتقى وأكرم على الله تعالى بل الأمر بالعكس ، لأنّ الظاهر أنّ الأكرمية باعتبار الاتصاف بالأوصاف المقرّبة ،
__________________
(١) تذكرة الفقهاء : في صلاة الجماعة ج ٤ ص ٣١٠ ٣١١.
(٢) ذكرى الشيعة : في صلاة الجماعة ج ٤ ص ٤١٩.
(٣) نهاية الإحكام : في صلاة الجماعة ج ٢ ص ١٥٤.
(٤) ذكرى الشيعة : في صلاة الجماعة ج ٤ ص ٤٢٠.
(٥ و ٦) مجمع الفائدة والبرهان : في صلاة الجماعة ج ٣ ص ٢٥٥.