.................................................................................................
______________________________________________________
في بيان جواز الخروج إلى فوق محلّ الترخّص في ناوي العشر أنّهما حكمان شرعيّان لا مدخلية للعرف فيهما ، واعتباره في الدخول والخروج لا يستلزم اعتباره حال قصد الإقامة (١) ، مع أنّك سمعت كلامه السابق ، وقد لا يكون مخالفاً فيما نحن فيه ، لأنّ الظاهر أنّ ضمير «اعتباره» عائد إلى العرف ، فيكون المعنى أنّ العرف حاكم بالنأي والبُعد بالنسبة إلى الخروج إلى فوق محلّ الترخّص في البدل المعتدل وليس بحاكم به في المتسع لناوي الإقامة المتردّد إلى ذلك الحدّ ، على أنّه قدسسره قد اعتبر المحلّة في المتسع كما سيأتي نقله عنه ، فإذا صدق الضرب والسفر والنأي والبُعد والغربة بالخفاء والتواري فلا فرق بين أن يسافر مستديراً أو مستقيماً ، ثمّ ما ظنّك فيما إذا سافر أربعة فراسخ واستدار بعدها بحيث بلغ الثمانية فما زاد من دون قصد رجوع ليومه.
وممّا ذكر يعلم الحال فيما إذا خرج من بلده قاصداً ستّة فراسخ والرجوع ليومه على طريق آخر ناوياً للإقامة على رأس أربعة الرجوع بحيث يكون بينه وبين البلد فرسخان فإنّه يقصّر ، لأنّه قصد مسافة مستديرة ولا ضمّ هنا لاختلاف الطريق ، وإن أبيت إلّا الضمّ كما لو آب كذلك على نفس ذلك الطريق قلنا يقصّر أيضاً ، لأنّ هذا الضمّ هو الّذي انعقد الإجماع على استثنائه ، لأنّ المدار إنّما هو على قطع الأربعة ذهاباً ومثلها إياباً سواء كانت وحدها أو مع غيرها ، رجع إلى المنزل أو بات دونه أو نوى الإقامة كذلك ، وذلك قضية كلام الأصحاب كما سيأتي بيانه بلطف الله سبحانه وحسن توفيقه.
الأمر الثاني : المستفاد من الأخبار (٢) وصريح كلام الأصحاب (٣) أنّ المسافة تعلم بأمرين : أحدهما مسير يوم ، وثانيهما الأذرع ، وقد سمعت فيما مضى
__________________
(١) مصابيح الظلام : في صلاة المسافر ج ١ ص ١٥٧ س ١٨ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).
(٢) وسائل الشيعة : ب ١ و ٢ من أبواب صلاة المسافر ج ٥ ص ٤٩٠.
(٣) منهم السيّد السند في مدارك الأحكام : ج ٤ ص ٤٣٠ ، والمحقّق السبزواري في الذخيرة : ص ٤٠٦ س ٤٠ ، والمحقّق البحراني في الحدائق : ج ١١ ص ٣٠٣.