ثمّ يعتبر ما بين الملك والمنتهى فإن قصر عن المسافة أتمّ ،
______________________________________________________
الوطن في الحال وطن وترك ذكره لظهوره ، إذ لا ريب في عدم اشتراط عدم كونه الآن وطناً وأنّه لا بدّ أن يكون وطناً سابقاً ، فسقط ما أورد (١) على الاستدلال به من عدم استقامة الحصر ، فتأمّل جيّداً. وقال في «المصابيح (٢)» : إنّ الظاهر أنّ «توطّن» لم يجئ بمعنى اتّخذه وطناً ، لكونه لازماً مطاوعاً. قلت : إذا لم يجئ منه الماضي كيف يجيء منه المضارع كذلك ، وقد جاء نحو تولّاه وتبنّاه بمعنى اتخذه وليّاً وابناً.
وقد يقال (٣) : على اعتبار الوطن الشرعي بأنّ المتبادر هو الوطن العرفي لا ما هو بمنزلته ، ولذا لم يذكر في الأخبار سوى لفظ الوطن والاستيطان من دون إظهار كونه بمنزلة الوطن كما فعل في القاطعين الآخرين ، وفي صحيحة ابن بزيع (٤) قال عليهالسلام : «إلّا أن يكون له منزل يستوطنه» وسكت ، فلا شكّ أنّ مراده العرفي ، وإلّا لزم الإغراء بالجهل ، ثمّ لمّا رأى ابن بزيع أنّ الوطن العرفي لا يكاد يتحقّق في الضيعة لأنّه مأخوذ في معناه اللزوم والدوام ولا يتحقّق ذلك في الضيعة سأل : ما الاستيطان؟ فأجاب عليهالسلام بأن يكون له منزل يقيم فيه دائماً ، فالدوام وإن كان مأخوذاً فيه لكنّه غير مأخوذ فيه وحدة الموضع بل يصحّ فيما إذا كانا اثنين ، والدوام فيهما يقتضي دوام ستّة أشهر ، ويرد عليه ما سمعته آنفاً.
قوله قدّس الله تعالى روحه : (ثمّ يعتبر ما بين الملك والمنتهى فإن قصر عن المسافة أتمّ) وكذا يتمّ إن بلغها ذاهباً وآيباً بتلك الطريق أو آخر أبعد ، لأنّ الذهاب لا يضمّ إلى الإياب كما في «الروض (٥) والمقاصد (٦) والمسالك (٧) والميسية»
__________________
(١) مصابيح الظلام : في صلاة المسافر ج ١ ص ١٦٦ س ٢٥ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).
(٢ و ٣) مصابيح الظلام : في صلاة المسافر ج ١ ص ١٦٦ س ٢٢ و ٢٣ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).
(٤) وسائل الشيعة : ب ١٤ من أبواب صلاة المسافر ح ١١ ج ٥ ص ٥٢٢.
(٥) روض الجنان : في صلاة السفر ص ٣٨٧ س ١٩.
(٦) المقاصد العلية : في أحكام القصر ص ٢١٧.
(٧) مسالك الأفهام : في صلاة السفر ج ١ ص ٣٤٢.