[٢٢] وردّ موسى جدل فرعون إذ قال : (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً) : بان استعبادك لبني إسرائيل ، وذبح أبنائهم ، واستحياء نسائهم ، واستخدام بعضهم لتربية البعض الآخر كرها ، أعيب عليك ذلك ، واين تلك من هذه ، تمنّ علي التربية ولكني أعيّرك بما فعلت ببني إسرائيل.
من الذي ربي موسى؟ أليس بنو إسرائيل أنفسهم بأمر من فرعون ، ثم ما الذي الجأ أم موسى لتجعله في التابوت ، ثم تقذفه في اليم ، وما الذي أعطى الحق لفرعون ان يقتل هذا ويعفو عن ذلك ، ويسرق أموال هذا ويضعها عند ذاك. أو ليس كل ذلك جريمة لا بد ان يعاقب عليها فرعون ، ذو الظلم والطغيان ، وليس ثمّة نعمة يشكر عليها.
(وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ)
ونستوحي من الآية فكرتين :
أ ـ ان فراعنة كل عصر يجب ان يلقموا حجرا كلما زعموا ان عليهم منّة على الناس ، ذلك أن جميع تقلباتهم في البلاد وتصرفاتهم في شؤون العباد جرائم لأنها ليست بإذن الله ، ولا بتخويل من الناس.
ب ـ انّ موسى تجاوز نفسه وتحدث عن كل بني إسرائيل ، كما تجاوز الحديث عن قضية محدودة الى بيان جذرها ، وهكذا ينبغي ألّا يقع الفرد الرسالي في الخطأ بالحديث عن ذات القضية التي يتحدث عنها الظالمون ، ولا بالحديث عن أنفسهم ، بل يتحدثوا عن جذور المشكلة حسب نهجهم الاعلامي المستقل ، وعن آلام الشعب جميعا. انهم ـ وحدهم ـ ممثلوا الناس ، وعليهم أن ينطقوا باسمهم وعن مشاعرهم.