حوله ، لماذا؟ هل خشي ان ينقلبوا عليه ، أم أراد ان يتظاهروا على موسى حين شعر بضعف حجته؟
(قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ)
اسأله عن شيء فيجيبني عن شيء آخر. وفي حديثه نبرة استهزاء ، وكأنه يقول :
ان حجته ضعيفة.
[٢٦] لم يأبه موسى ـ عليه السلام ـ بسخريته ، والتزم نهجه القويم في التذكرة بالرب ، وتحطيم أغلال الجهل عن أنفسهم.
(قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ)
فهو الله الذي كان على آبائكم التسليم له ، فلا يجوز التسليم لآبائكم إن كانوا كافرين به ، ولا ينبغي تقديسهم ، والجمود على أفكارهم البالية ، وإذا شمل آباءكم العذاب بسبب كفرهم بالرب فان ذات العذاب سينزل عليكم لذات السبب ، هكذا فكّ غلّ عبودية الآباء عنهم ، وحذرهم من مغبّة الجحود.
[٢٧] وخرج فرعون عن طوره ، وأتهم موسى بالجنون ، مستخدما أسلوبه الساخر ، إذ وجه الخطاب الى الملأ كي يثير فيهم العصبية.
(قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ)
هكذا بلغت الرعونة عند فرعون ذروتها حيث أتهم رسول رب العالمين بالجنون.
[٢٨] أما موسى الذي لم يرهب إعلام فرعون التضليلي ، ولم يغضب لنفسه ، فقد مضى في سبيله يدعو الى ربه بالتذكرة تلو التذكرة.