(قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ)
وهذا بذاته دليل صدق دعوته انه لم يقم لنفسه بل لربه ، ولا يدعو الى ذاته بل الى الله ، وهكذا ينبغي ان يتحمل الرساليون كل أذى ، ولا ينهاروا بسبب تهم الطغاة انّى كانت كبيرة.
[٢٩] وانقلب فرعون خائبا من أسلوبه التضليلي الساخر ، فاتجه الى التهديد :
(قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ)
ان الطغاة يرهبهم قوة المنطق فيلجئون الى منطق القوة ، ويخافون على عروشهم فلا يتورعون عن ارتكاب اية جريمة.
ولكن موسى ـ عليه السلام ـ وكل الدعاة الى الله سوف يبلغون مستوى عاليا من النصر عند ما يعرّون النظام من لباس التضليل ، ويلجئونه الى استخدام آخر وسيلة لهم للسيطرة الا وهي الإرهاب.
[٣٠] وكما الجبل الأشمّ صمد موسى امام تهديد فرعون ، كما صمد آنفا أمام سخريته وتهمه ، فلم يزل يواجهه بسلاح المنطق.
(قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ)
فيه دلالة ملموسة ، تكون أقرب إلى عقولكم المغلقة الجامدة.
[٣١] وهنا أيضا خسر فرعون الموقف ، إذ طالبه فعلا بذلك الشيء المبين ، ماضيا في غروره وظنه أنّ الباطل لا يغلب.
(قالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)