عن مالك الجهنمي قال : قال لي ابو عبد الله :
«يا مالك انه ليس من قوم ائتمّوا بإمام في الدنيا الا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه الا أنتم ، ومن كان على مثل حالكم» (٢)
[٢٦] كلا الفريقين يعكسان طبيعة ما كانوا يعيشونه في الدنيا من زيف أو حقيقة ، ولكن على الرغم من تكذيب القوم لإبراهيم (ع) وجوابه لهم بهذا المنطق الصارم ، الا ان دعوته لم تذهب سدى حيث آمن به لوط (ع).
(فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
ولوط (ع) بإيمانه قد حقق هجرتين لا هجرة واحدة ، فالاولى هجرة معنوية حيث هجر المجتمع الفاسد رافضا تمحوره حول الأوثان ، ليتصل بالمجتمع الصالح المتمحور حول الايمان الحق ، والهجرة الثانية هجرته الجغرافية حيث ترك مدينة بابل ليرحل الى مصر ففلسطين مع إبراهيم (ع) لكي يقوم ببناء محور جديد لتجمع يقوم على أساس الايمان بالله ، وليقوم بدوره في تبليغ رسالات ربه.
[٢٧] (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ)
ويشير القرآن هنا الى امتداد إبراهيم عبر الزمن عن طريق اسحق ويعقوب ، بينما كان أولاده بالفعل (إسماعيل واسحق) ولكن الله سبحانه وتعالى ركز على اسحق ، ولم ينف إسماعيل وذلك لان التجمع الرسالي امتدّ عبر الزمن عن طريق اسحق ، ووراءه يعقوب ، ومن بعده ذرية طيبة كانت فيهم النبوة والكتاب ،
__________________
(٢) تفسير نور الثقلين / ج (٤) / ص (١٥١).