الملائكة ان يذهبوا رأسا ناحية لوط ، ولكنهم مروا على إبراهيم جزاء من الله له على ايمانه الصادق وإخلاصه.
وهؤلاء الرسل لم يبدءوا إبراهيم بالإنذار ، وانما ابتدأوه بالبشرى بان الله سيهب له اسحق ومن ورائه يعقوب والذرية الصالحة ، رغم انهم يحملون العذاب لقوم لوط ، ولا تخلو هذه اللفتة من مفارقة كريمة وهي : ان ربنا سبحانه وتعالى قبل ان يهلك قوما كفروا وعاندوا بشر رئيس ذلك المجتمع إبراهيم (ع) بأنه سيعطيه ذرية صالحة ، تحمل راية الحق ، وتنشر كلمة الله في الأرض ، فتلك هي المفارقة ، يبشره بالعطاء أولا ، ثم ينذره بأنه سوف يهلك الظالمين ، ولكن إبراهيم (ع) حينما عرف ان الله مهلك قوم لوط فزع.
[٣٢] (قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً)
وذلك هو سلوك المؤمنين الصادقين ، فمن صفات الأنبياء (ع) انهم رحماء بالبشر غيورون على المؤمنين ، بحيث لم يتمالك نفسه ، واندفع قائلا : وما هو مصير لوط؟!
وجاء في حديث مأثور عن الامام الصادق عليه السّلام : ان إبراهيم كان يسعى لدرء العذاب عن قوم لوط ، يقول الحديث (بعد بيان جوانب من قصة لوط):
«فقال لهم إبراهيم : لماذا جئتم؟ قالوا في إهلاك قوم لوط ، فقال لهم : ان كان فيها مأة من المؤمنين أ تهلكونهم؟ فقال جبرئيل عليه السّلام : لا ، قال : فان كان فيها خمسون؟ قال : لا ، قال : فان كان فيها ثلاثون؟ قال : لا ، قال : فان كان فيها عشرون؟ قال : لا ، قال : فان كان فيها عشرة؟ قال : لا ، قال : فان كان فيها خمسة؟ قال : لا ، قال : فان كان فيها واحد؟ قال : لا ، قال : فان فيها لوط ، (قالُوا : نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ)»