ولعل الاستغفار للضال الذي لم يبلغ درجة الجحود حسن ، لا سيما إذا كان له حق ، ومعنى الاستغفار هنا هدايته فيما يبدو.
وكان إبراهيم قد وعد أباه بأن يستغفر له ، فقال : «سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا». (٨)
ولكن إبراهيم تبرأ منه لما تحول من الضلالة الى العناد والجحود ، فقال ربنا سبحانه
«وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ». (٩)
[٨٧] لم يكن إبراهيم مذنبا ، انه كان نبيا عليّا ، عصمه الله من الذنوب ، ولكنه حين وجد نفسه في حضرة ربه وجدها حافلة بالنقص ، فلم يملك سوى الاستغفار ، وطلب المزيد من الطهارة والكمال ، وليست هناك لغة بين القلب والرب أبلغ في الحب والهيام من لغة كلغة التذلل والاعتراف وطلب العفو. فقال إبراهيم عليه السلام :
(وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ)
ان الخزي ثمة بالنار حيث يقول المؤمنون : «رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ». (١٠)
__________________
(٨) مريم / (٤٧).
(٩) التوبة / (١١٤).
(١٠) آل عمران / (١٩٢).