ثبت في الشرع ، فإن العقل لا يعترض عليه ، بل هو ( العقنقل ) كما عبَّر عنه بعضهم ، والتوسُّل بالنبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ثابت في حياته وبعد موته بدون فرق ; لأنه حيٌّ عند ربِّه ، وحياته أقوى من حياة أحدنا ، وقد قلت لك إن التوسُّل لا يحتاج إلى مخاطبة ، فهو سؤال لله تعالى بمقام النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وجهاده في سبيله وشفاعته عنده ، وأخبرتك أن ابن تيمية أجاز التوسُّل بالأموات ، ولعلّه حصره بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
صارم : أولا : أوافقك القول على أن العقل قاصر ، وهذا لا مرية فيه ، أمَّا تمثيلك بالكعبة فقياس مع الفارق ; لوجود الدليل الذي أمرنا الله من خلاله أن نتوجَّه إلى الكعبة ; إذ الكعبة ليست واسطة ، ولك أن تتصوَّر أن شخصاً يتحدَّث معك وقد التفت عنك وأعطاك ظهره! هل تقبل عليه وتتحدَّث معه؟
وكذلك وضعت الكعبة ليتَّجه إليها المسلمون جميعاً في صلاتهم ، لا أنها واسطة ... إلى غير ذلك من الحكم.
ثانياً : قلت : إن ابن تيميّة أجاز التوسُّل بالأموات ، ولعلَّه حصره بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كلامك متناقض ، كيف تقول : أجاز ، ثمَّ ترجع وتقول : لعلّه؟! هذا لا يستقيم ، فإمَّا أنه أجاز التوسُّل بالأموات ، وهذا محال ، أو أنه أجاز التوسُّل بالنبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ فهل لك أن تدلَّني على كلام شيخ الإسلام في التوسُّل بالنبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مع ذكر المرجع؟
ثالثاً : أريد الدليل من القرآن ـ ومن القرآن ـ على قولك ، راجياً الاختصار ما أمكن ، وشكراً لك.
العاملي : قال ابن تيمية في رسالة لشيخ الإسلام من سجنه ص ١٦ : وكذلك مما يشرع التوسُّل به في الدعاء ، كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصحَّحه (١) : أن النبيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم علَّم شخصاً أن يقول : اللهم إني أسألك وأتوسَّل إليك
__________________
١ ـ سنن الترمذي : ٥ / ٢٢٩ ح ٣٦٤٩.