فوائد تتعلق بالصفة
(الأولى) : اعلم أن الصفة العامة لا تأتي بعد الصفة الخاصة ؛ لا تقول : هذا رجل فصيح متكلم ، لأن المتكلم أعمّ من الفصيح ؛ إذ كل فصيح متكلّم ولا عكس. وإذا تقرر هذا أشكل قوله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) (مريم : ٥٤) [إذ لا يجوز أن يكون] (١) (نَبِيًّا) (٢) صفة ل (رسول) ، لأن النبيّ أعمّ من الرسول ، إذ كل رسول من الآدميين نبيّ ولا عكس. والجواب أن يقال : إنه حال من الضمير في (رَسُولاً) والعامل في الحال ما في «رسول» من معنى «يرسل» (٣) ، أي كان إسماعيل مرسلا في حال نبوته ، وهي حال مؤكدة ، كقوله : (وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً) (البقرة : ٩١). ٢ / ٤٣٠
(الثانية) : تأتي الصفة لازمة لا للتقييد [فلا مفهوم لها] (٤) كقوله تعالى : (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ) (المؤمنون : ١١٧) قال الزمخشريّ (٥) : هي كقوله : (وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) (الأعراف : ٣٣) وهي صفة لازمة [نحو قوله : (يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ)] (٦) (الأنعام : ٣٨) جيء بها للتوكيد ؛ لا أن يكون في الآلهة ما يجوز [إلاّ] (٧) أن يقوم عليه برهان. ويجوز (٨) أن يكون اعتراضا بين الشرط والجزاء ، كقولك : من أحسن إلى زيد ـ لا أحقّ بالإحسان منه ـ فالله مثيبه. وقال الماتريديّ (٩) : هذا لبيان خاصة الإشراك بالله ألاّ تقوم (١٠) على صحته حجة ، لا بيان أنه نوعان ، كما في قوله : (وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) (الأنعام : ٣٨) هو بيان خاصة الطيران ، لا أنه نوعان.
__________________
(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (فنبيّا).
(٣) في المخطوطة (مر قبل).
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.
(٥) الكشاف ٣ / ٥٨.
(٦) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.
(٧) في المخطوطة (إلا أن يقوم).
(٨) في المخطوطة (ويحتمل).
(٩) هو محمد بن محمد بن محمود ، أبو منصور الماتريدي ، نسبة إلى «ما تريد» وهي محلّة بسمرقند كان إمام علم الكلام في وقته ، وناصر أهل السنّة ، ألّف كتبا كثيرة منها «التفسير» و «أوهام المعتزلة» و «التوحيد» و «الردّ على القرامطة». ت ٣٣٣ ه (الفوائد البهية : ١٩٥).
(١٠) في المخطوطة : (يقوم).