ومن تقدّم القسم قوله تعالى : (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ) (مريم : ٤٦) ، تقديره «والله لئن لم تنته» ، فاللام الداخلة على الشرط ليست بلام القسم ، ولكنها زائدة ، وتسمى الموطّئة للقسم ويعنون بذلك أنها مؤذنة بأن جواب القسم منتظر ؛ أي الشرط لا يصلح أن يكون (١) [جوابا ؛ لأن الجواب لا يكون إلا خبرا] (١).
وليس دخولها على الشرط بواجب ، بدليل حذفها في قوله تعالى : (وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (المائدة : ٧٣).
والذي يدلّ على الجواب للقسم لا للشرط دخول اللام فيه ؛ وأنه ليس بمجزوم ، بدليل قوله تعالى : (لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) (الإسراء : ٨٨) ولو كان جواب الشرط لكان مجزوما.
وأما قوله تعالى : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) (آل عمران : ١٥٨) ؛ فاللام في «ولئن» هي الموطّئة للقسم ، واللام في (لَإِلَى اللهِ) هي لام القسم ؛ ولم تدخل نون التوكيد على الفعل للفصل بينه وبين اللام بالجار والمجرور. والأصل «لئن متم أو قتلتم لتحشرون إلى الله» فلما قدم معمول الفعل عليه حذف منه. ٣ / ٤٧
القسم التاسع عشر
[١٦٩ / ب] إبراز الكلام في صورة المستحيل على طريق المبالغة ليدل على بقية جمله.
كقول العرب : لا أكلمك حتى يبيض القار ، وحتى يشيب الغراب ، وكقوله تعالى : (وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) (الأعراف : ٤٠) ، يعنى والجمل لا يلج في السّم ، فهؤلاء (٢) لا يدخلون ، فهو في المعنى متعلق بالحال ، فالمعنى أنهم لا يدخلون الجنة أصلا ، وليس للغاية هنا مفهوم ، ووجه التأكيد فيه كدعوى الشيء ببينة ، لأنه جعل ولوج الجمل في السّم غاية لنفي دخولهم الجنة ، وتلك غاية لا توجد ، فلا يزال دخولهم الجنة منتفيا.
__________________
(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٢) في المخطوطة «فهم».