وقوله [تعالى] (١) (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ) (البقرة : ٧٩) والكتابة لا تكون (٢) إلا باليد ؛ ففائدته مباشرتهم ذلك التحريف بأنفسهم ، وذلك زيادة في [١٤٦ / أ] تقبيح فعلهم ؛ فإنه يقال : كتب فلان كذا وإن لم يباشره بل أمر به ، كما في قول عليّ : «كتب النبيّ صلىاللهعليهوسلم [يوم] (٣) الحديبية» (٤).
(الثالثة) : قد تأتي الصفة بلفظ والمراد غيره ، كقوله تعالى : (صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها) (البقرة : ٦٩) قيل : المراد : «سوداء ناصع» (٥) وقيل : بل على بابها ومنه قوله تعالى : (كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) (المرسلات : ٣٣) قيل : كأنه أينق سود ، وسمي الأسود من الإبل أصفر ، لأنه سواد تعلوه صفرة.
(الرابعة) : قد تجيء للتنبيه على التعميم ، كقوله تعالى : (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ) (الأنعام : ١٤١) مع أن المعلوم أنما يؤكل إذا أثمر ، فقيل : فائدته نفي توهم توقّف الإباحة على الإدراك والنضج بدلالته على الإباحة من أول إخراج الثمرة. وقوله [تعالى] (٦) : (وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) (الفلق : ٥) وقوله : (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (الأنعام : ١٥٢) فإن غير مال اليتيم كذلك ، لكن إنما خصه بالذّكر ، لأن الطمع فيه أكثر لعجزه وقلة الناصر له ؛ بخلاف مال البالغ ، أو لأن التخصيص بمجموع الحكمين ؛ وهما النهي عن قربانه بغير الأحسن. وقوله : (وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا) (الأنعام : ١٥٢) مع أن الفعل كذلك ، وقصد به ليعلم وجوب العدل في الفعل من باب أولى ، كقوله : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) (الإسراء : ٢٣). ٢ / ٤٣٣
(الخامسة) : قد يحتمل اللفظ كثيرا من الأسباب السابقة ، وله أمثلة ، منها قوله تعالى :
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (والكتاب لا يكون).
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) الحديث متفق عليه ، أخرجه البخاري في الصحيح ٥ / ٣٠٣ ، كتاب الصلح (٥٣) ، باب كيف يكتب هذا ما صالح ... (٦) ، الحديث (٢٦٩٩). وأخرجه مسلم في الصحيح ٣ / ١٤١٠ ، كتاب الجهاد والسير (٣٢) ، باب صلح الحديبية ... (٣٤) ، الحديث (٩٢ / ١٧٨٣). وفي كتابة النبي صلىاللهعليهوسلم بيده الشريفة يوم الحديبية خلاف بين العلماء.
(٥) قال ابن قتيبة في تفسير الغريب ص ٥٣ : وقد ذهب قوم إلى أن الصفراء : السوداء ، وهذا غلط في نعوت البقر. وإنما يكون ذلك في نعوت الإبل ، يقال : بعير أصفر أي أسود.
(٦) ليست في المخطوطة.