(وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) (النحل : ٥١) فإن (١) ابن مالك (٢) وغيره من النحويين جعلوه نعتا ، قصد به مجرد التأكيد (٣). ولقائل (٤) أن يقول : [إن] (٥) (إِلهَيْنِ) مثنّى وال (اثْنَيْنِ) (٦) للتثنية ، فما فائدة الصفة؟ وفيه وجوه :
ـ أحدها (٧) : قاله ابن الخباز (٨) : «إن فائدتها توكيد نهي الإشراك بالله سبحانه ، وذلك لأن العبرة في النهي عن اتخاذ الإلهين (٩) ؛ إنما هو لمحض كونهما اثنين فقط ، ولو وصف (إِلهَيْنِ) بغير ذلك من الصفات ، كقوله : «لا تتخذوا إلهين عاجزين» لأشعر بأن القادرين يجوز أن يتخذا ، فمعنى التثنية شامل لجميع الصفات ؛ فسبحان من دقت حكمته في كل شيء». ونظير هذا ما قال الأخفش في قوله : (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ) (النساء : ١٧٦).
ـ الثاني : أن الوحدة تطلق ويراد بها النوعية ، ومنه قوله صلىاللهعليهوسلم : «إنما نحن وبنو عبد المطلب شيء واحد» (١٠) ، وتطلق ويراد بها العدد ، نحو (١١) «إنما زيد رجل واحد» ، فالتثنية باعتبارها.
فلو (١٢) قيل : (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ) فقط لصحّ في موضوعه (١٣) أن يكون نهيا عن اتخاذ جنسين آلهة ؛ وجاز أن (١٤) يتخذ من نوع واحد أعداد آلهة (١٥) ؛ لأنه يطلق عليهم أنهم واحد ، لا سيما وقد
__________________
(١) في المخطوطة (قال).
(٢) هو محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك جمال الدين أبو عبد الله ، تقدم في ١ / ٣٨١.
(٣) في المخطوطة (التوكيد).
(٤) في المخطوطة (لأن لقائل).
(٥) ساقطة من المخطوطة.
(٦) في المطبوعة (والاثنان).
(٧) في المطبوعة (أحدهما).
(٨) هو أحمد بن الحسين بن أحمد الإربلي ، شمس الدين ، ابن الخباز ، النحوي الضرير. كان أستاذا بارعا علاّمة زمانه في النحو واللغة والفقه والعروض والفرائض. وله المصنفات المفيدة منها : «النهاية في النحو و «شرح ألفيّة ابن معطي» ت ٦٣٧ ه في الموصل (بغية الوعاة ١ / ٣٠٤).
(٩) في المخطوطة (إلهين).
(١٠) الحديث من رواية جبير بن مطعم رضياللهعنه ، أخرجه البخاري في الصحيح ٦ / ٢٤٤ ، كتاب فرض الخمس (٥٧) ، باب ومن الدليل على أن الخمس للإمام وأنه ... (١٧) ، الحديث (٣١٤٠).
(١١) في المخطوطة (مثل).
(١٢) في المخطوطة (فإن قيل).
(١٣) في المخطوطة (موضعه).
(١٤) في المخطوطة (وإن جاز) بدل (وجاز أن).
(١٥) في المخطوطة (الآلهة).