وكذلك قوله تعالى [١٧٣ / أ] : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) (الفتح : ٢٩).
وقوله تعالى : (لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (النمل : ١٨) فقوله : (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (النمل : ١٨) احتراس بيّن أنّ من عدل سليمان وفضله وفضل جنوده أنّهم لا يحطمون نملة فما فوقها إلا بألاّ يشعروا بها.
وقد قيل : إنما كان تبسم سليمان سرورا بهذه الكلمة منها ؛ ولذلك أكّد التبسم بالضحك ؛ لأنهم يقولون : تبسّم كتبسم الغضبان ، لينبه على أن تبسمه تبسم سرور.
ومثله قوله تعالى : (فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ) (الفتح : ٢٥) التفات إلى أنهم لا يقصدون ضرر مسلم.
وقوله تعالى : (وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (هود : ٤٤) ؛ فإنه سبحانه لما أخبر بهلاك من هلك بالطوفان ، عقّبهم (١) بالدعاء عليهم ، ووصفهم بالظلم ، ليعلم أن جميعهم كان مستحقّا للعذاب ، احتراس من ضعف يوهم أنّ الهلاك بعمومه ربما شمل من لا يستحق العذاب ؛ فلما ٣ / ٦٦ دعا على الهالكين ، ووصفهم بالظلم علم استحقاقهم لما نزل بهم وحل بساحتهم ، مع قوله أولا : (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) (هود : ٣٧).
وأعجب احتراس (٢) [وقع في القرآن] (٢) قوله تعالى مخاطبا لنبيّه عليهالسلام : (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ ...) الآية (القصص : ٤٤).
وقال حكاية عن موسى : (وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ) (مريم : ٥٢) ، فلما نفى سبحانه عن رسوله أن يكون بالمكان الذي قضى لموسى فيه الأمر عرّف المكان بالغربيّ ولم يقل في هذا الموضع (الْأَيْمَنِ) كما قال : (وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ (٣) [الطُّورِ الْأَيْمَنِ] (٣)) (مريم : ٥٢) أدبا مع النبي (٤) صلىاللهعليهوسلم أن ينفى عنه كونه بالجانب الأيمن ، أو يسلب عنه لفظا مشتقّا من اليمن ، أو (٥) مشاركا لمادته (٥) ، ولما أخبر عن موسى عليهالسلام ذكر الجانب الأيمن تشريفا
__________________
(١) في المخطوطة «عقّبه».
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٣) ساقط من المخطوطة.
(٤) في المخطوطة «للنبي».
(٥) اضطربت العبارة في المخطوطة.