فأما إن الخفيفة فتطّرد زيادتها مع ما النافية ، كقول امرئ القيس (١) :
حلفت لها بالله حلفة فاجر |
|
لناموا فما إن من حديث ولا صال |
أي فما حديث. فزاد «إن» للتوكيد ، قال الفراء (٢) : إن الخفيفة زائدة ، فجمعوا بينها وبين ما النافية ، تأكيدا للنفي ، فهو بمنزلة تكرارها (٣) ، فهو عند الفراء من التأكيد اللفظي ، وعند سيبويه من [التأكيد] (٤) المعنوي.
[وقيل] (٥) : قوله تعالى : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ) (الأحقاف : ٢٦) : أنها زائدة. وقيل نافية ؛ والأصل «في الذي ما مكناكم فيه» بدليل : (مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) (الأنعام : ٦) ؛ وكأنه إنما عدل عن «ما» لئلا تتكرر فيثقل اللفظ.
ووهم ابن الحاجب (٦) ؛ حيث زعم أنها تزاد بعد «لما» الإيجابية ؛ وإنما تلك في «أن» المفتوحة.
٣ / ٧٦ وأما أن المفتوحة [١٧٥ / أ] فتزاد بعد لما الظرفية ، كقوله تعالى : (وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ) ، (العنكبوت : ٣٣) وإنما حكموا بزيادتها ؛ لأن «لما ظرف زمان ؛ ومعناها وجود الشيء لوجود غيره ؛ وظروف الزمان غير المتمكنة لا تضاف إلى المفرد «وأن» المفتوحة تجعل الفعل بعدها في تأويل المفرد ، فلم تبق «لمّا» مضافة إلى الجمل (٧) ؛ فلذلك حكموا بزيادتها.
وجعل الأخفش (٨) من زيادتها قوله تعالى : (وَما لَنا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ)
__________________
(١) هو امرؤ القيس بن حجر بن الحارث بن عمرو الكندي وهو من أهل نجد من الطبقة الأولى قال لبيد بن ربيعة : «أشعر الناس ذو القروح» يعني امرأ القيس (الترجمة وافية في «الشعر والشعراء» لابن قتيبة الدينوري ص : ٤٩). وأما بيت الشّعر فهو من قصيدة مطلعها «ألا عم صباحا» في ديوانه ص : ١٤١ طبعة دار صادر. بيروت.
(٢) هو يحيى بن زياد بن عبد الله الفرّاء تقدمت ترجمته في ١ / ١٥٩.
(٣) في المخطوطة «تكررها».
(٤) ساقطة من المخطوطة.
(٥) ساقطة من المخطوطة.
(٦) هو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس ، أبو عمرو بن الحاجب الكردي ، تقدمت ترجمته في ١ / ٤٦٦.
(٧) في المخطوطة «الجملة».
(٨) هو الأخفش الأوسط أبو الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي تقدم ذكره في ١ / ١٣٤.