في القرآن ، فهو على تقدير جواب سؤال اقتضته الجملة الأولى ، وهو سؤال عن العلّة.
منه : (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) (يوسف : ٥٣). (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) (الحج : ١). (إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) (التوبة : ١٠٣).
وتوضيح التعليل أن الفاء السببية لو وضعت مكان «إنّ» لحسن.
والطرق الدالة على العلة أنواع :
الأول : التصريح بلفظ الحكم ، كقوله تعالى : (حِكْمَةٌ بالِغَةٌ) (القمر : ٥).
وقال : (وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) (النساء : ١١٣) ، والحكمة هي العلم النافع والعمل الصالح.
٣ / ٩٢ الثاني : أنه فعل كذا لكذا ، أو أمر بكذا لكذا ، كقوله تعالى : (ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) (المائدة : ٩٧).
وقوله تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا) (الطلاق : ١٢).
(جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ) (المائدة : ٩٧).
(لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) (الحديد : ٢٩).
(وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلاَّ لِنَعْلَمَ) (البقرة : ١٤٣).
(وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) (الأنفال : ١١).
(وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) (آل عمران : ١٢٦) ، وهو كثير.
فإن قيل : اللام فيه للعاقبة ، كقوله تعالى : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) (القصص : ٨) ، وقوله : (لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً) (الحج : ٥٣) ، وإنما قلنا ذلك لأنّ أفعال الله تعالى لا تعلّل.
فالجواب أن معنى قولنا : إن أفعال الله تعالى لا تعلّل ، أي لا تجب ؛ ولكنها لا تخلو عن الحكمة ، وقد أجاب الملائكة عن قولهم : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) (البقرة : ٣٠) بقوله : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) (البقرة : ٣٠).