قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

البرهان في علوم القرآن [ ج ٣ ]

البرهان في علوم القرآن [ ج ٣ ]

167/529
*

ولو كان فعله (١) سبحانه مجردا عن الحكم والغايات لم يسأل (٢) الملائكة عن حكمته ولم يصحّ الجواب بكونه يعلم ما لا يعلمون من الحكمة والمصالح ، وفرق بين العلم والحكمة ؛ ولأنّ لام العاقبة إنما تكون في حق من يجهل العاقبة ، كقوله : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ ٣ / ٩٣ عَدُوًّا وَحَزَناً) (القصص : ٨) ؛ وأما من هو بكل شيء عليم فمستحيلة في حقه ؛ وإنما اللام الواردة في أحكامه وأفعاله لام الحكمة والغاية المطلوبة من الحكمة. ثم قوله : (لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) (القصص : ٨) هو تعليل لقضاء الله بالتقاطه وتقديره لهم ، فإن التقاطهم له إنما كان بقضائه وقدره ، وذكر فعلهم دون قضائه ؛ لأنه أبلغ في كونه حزنا لهم وحسرة عليهم.

قاعدة تفسيرية (٣) :

حيث دخلت (٤) واو العاطف على لام التعليل فله وجهان :

أحدهما : أن يكون تعليلا معلّله محذوف ، كقوله تعالى : (وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً) (الأنفال : ١٧) ؛ فالمعنى وللإحسان إلى المؤمنين فعل ذلك.

[وقوله] (٥) الثاني : أن يكون معطوفا على علة أخرى مضمرة ، ليظهر صحة العطف ، كقوله تعالى : (وَخَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزى) (الجاثية : ٢٢) ؛ التقدير : ليستدلّ بها المكلف على قدرته تعالى ولتجزى. وكقوله : (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ) (يوسف : ٢١) التقدير : ليتصرف فيها ولنعلمه.

والفرق بين الوجهين أنه في الأول عطف جملة على جملة ، وفي الثاني عطف مفرد على مفرد.

وقد يحتملهما الكلام ، كقوله تعالى : (وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ) (البقرة : ٢٥٩) ، فالتقدير على الأول ، ولنجعله آية فعلنا ذلك ، وعلى الثاني : ولنبين للناس (٦) قدرتنا ولنجعله آية. ويطّرد الوجهان في نظائره ، ويرجّح كل واحد بحسب المقام ، وحذف المعلّل هاهنا

__________________

(١) في المخطوطة «تعليمه».

(٢) في المخطوطة «تسأل».

(٣) تأخرت القاعدة في المخطوطة إلى ما بعد القسم الثالث وهو «الإتيان بكي».

(٤) في المخطوطة «دلّت».

(٥) ساقط من المطبوعة.

(٦) في المخطوطة «له».