ثم ليس المراد الاكتفاء بأحدهما كيف اتفق ؛ بل لأنّ فيه نكتة تقتضي الاقتصار عليه.
و [العلم] (١) المشهور في مثال هذا النوع قوله تعالى : (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) (النحل : ٨١) أي والبرد ، هكذا قدّروه. وأوردوا عليه سؤال الحكمة من تخصيص الحرّ بالذّكر. وأجابوا بأن الخطاب للعرب ، وبلادهم حارة ، والوقاية عندهم من الحرّ أهمّ ؛ لأنه أشدّ [من] (٢) البرد عندهم.
والحقّ [١٨٢ / ب] أن الآية ليست من هذا القسم ، فإنّ البرد ذكر الامتنان (٣) بوقايته قبل ذلك صريحا في قوله : (وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها) (النحل : ٨٠) وقوله : (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً) (النحل : ٨١) ، وقوله في صدر السورة : (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ) (النحل : ٥). ٣ / ١١٩
فإن قيل : فما الحكمة في ذكر الوقايتين بعد قوله : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً) (النحل : ٨١) ، فإن هذه وقاية الحرّ ، ثم قال : (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً) (النحل : ٨١) ، فهذه وقاية البرد على (٤) عادة العرب؟
قيل : لأنّ ما تقدم بالنسبة إلى المساكن ، وهذه إلى الملابس [نعم اعملوا في الآية] (٥) ، وقوله : (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً) (النحل : ٨١) (٦) ولم يقل السهل (٦) وفيه الجوابان السابقان.
وأمثلة هذا القسم كثيرة ؛ كقوله تعالى : (وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) (الأنعام : ١٣) فإنّه قيل : المراد : «وما تحرك» ، وإنما آثر ذكر السكون لأنه أغلب الحالين على (٧) المخلوق من (٨) الحيوان والجماد ، ولأن الساكن أكثر عددا من المتحرك. أو لأنّ (٩) [كل] (١٠) متحرك (١١) يصير إلى السكون ، ولأن السكون هو الأصل ، والحركة طارئة.
__________________
(١) ساقطة من المطبوعة.
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) في المخطوطة (الامتثال).
(٤) في المخطوطة (عن).
(٥) العبارة ليست في المطبوعة.
(٦) تصحفت في المطبوعة إلى (ولم يذكره السهيلي).
(٧) في المخطوطة (من).
(٨) في المخطوطة (على).
(٩) في المخطوطة (ولأن).
(١٠) ساقطة من المخطوطة.
(١١) في المخطوطة (المتحرك).