٢٠) ومنها قوله : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ) (البقرة : ٤٥) ؛ فقيل : الضمير للصلاة لأنها أقرب المذكورين. وقيل : أعاده على المعنى ؛ وهو الاستعانة المفهومة من استعينوا. وقيل : المعنى على التثنية ؛ وحذف من الأول لدلالة الثاني عليه.
ومنها قوله تعالى : (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً) (النساء : ١١٢) ؛ وهو نظير آية الجمعة كما سبق.
وفي هاتين الآيتين لطيفتان : وهما (١) أنّ الكلام لما اقتضى إعادة الضمير على أحدهما أعاده في آية الجمعة على التجارة ، وإن كانت أبعد ، ومؤنثة أيضا ؛ لأنها أجذب للقلوب عن طاعة الله من اللهو ؛ لأن المشتغلين بالتجارة أكثر من المشتغلين باللهو ؛ أو لأنها أكثر نفعا من اللهو ، أو لأنها كانت أصلا واللهو تبعا ، لأنه ضرب بالطبل لقدومه (٢) ، كما جاء في «صحيح البخاري» : «أقبلت عير يوم الجمعة (٣)» ، وأعاده في قوله : (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً) (النساء : ١١٢) على الإثم رعاية لمرتبة القرب والتذكير ؛ فتدبر ذلك.
وأما قوله تعالى : (٤) (وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ) (المزمل : ٢٠) [١٨٤ / ب] فقيل الأصل تحصوها وقوله] (٤) (فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) (يونس : ٥٨) ، أي بذلك القول.
٣ / ١٢٩ السابع : الحذف المقابليّ : وهو أن يجتمع في الكلام متقابلان ، فيحذف من [كل] (٥) واحد منهما مقابله ؛ لدلالة الآخر عليه ، كقوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ) (هود : ٣٥) ، الأصل : فإن (٦) افتريته فعليّ إجرامي وأنتم برآء منه ، وعليكم إجرامكم وأنا بريء مما تجرمون فنسبة قوله تعالى : «إجرامي» ، وهو الأوّل إلى قوله : «وعليكم إجرامكم» ـ وهو الثالث ـ كنسبة قوله : «وأنتم برآء منه» ـ وهو الثاني (٧). إلى قوله تعالى : (وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ) (هود : ٣٥) ، وهو الرابع ، واكتفى من كلّ متناسبين بأحدهما.
__________________
(١) في المخطوطة (وهي).
(٢) في المخطوطة (لقدومها).
(٣) أخرجه في ٨ / ٦٤٤ ، كتاب التفسير (٦٥) ، باب (إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً) (٢) الحديث (٤٨٩٩).
(٤) ما بين الحاصرتين ليس بالمطبوعة.
(٥) ساقطة من المطبوعة.
(٦) في المخطوطة (إن).
(٧) تكررت في المطبوعة عبارة (إلى قوله وعليكم إجرامكم وهو الثالث كنسبة قوله وأنتم برآء منه وهو الثاني).