وجعل منه أبو الفتح قوله تعالى : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) (مريم : ٣٨) التقدير : وأبصر بهم ؛ لكنه حذف لدلالة ما قبله عليه ؛ حيث كان بلفظ الفضلة ؛ وإن كان ممتنعا في الفاعل.
وهذا التوجيه إنما يتم إذا قلنا : إن الجارّ والمجرور ؛ في «أسمع بهم وأبصر» في محل الرفع : فإن قلنا في محل النصب فلا.
٣ / ١٣٤ وقوله (١) تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَ) (٢) اللهُ (الزمر : ٣٨) ، [والتقدير خلقهنّ الله] (٣) ، فحذف «خلقهنّ» لقرينة تقدمت في السؤال.
وقوله : (سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ* كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (الصافات : ١٠٩ ـ ١١٠) ، ولم يقل : «إنا كذلك» اختيارا واستغناء عنه (٤) بقوله فيما سبق : (إِنَّا كَذلِكَ) (الصافات : ١٠٥).
والثالث كقوله [تعالى] (٥) : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) (التوبة : ٦٢) ، فقد قيل : إن «أحقّ» خبر عن اسم الله [تعالى] (٦) ، وقيل بالعكس.
وأما قوله تعالى : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها) (النساء : ١٤٠) ، فالفائدة في إعادة الجار والمجرور ؛ أعني «بها». لأنه لو حذف من الثاني لم يحصل الربط لوجوب الضمير فيما وقع مفعولا ثانيا ، أو كالمفعول الثاني ل «سمعتم» ، ولو حذف من الأول لم يكن نصّا على أن الكفر يتعلق بالإثبات ؛ لجواز أن يكون متعلق الأول غير متعلق الثاني ...
الثامن الاختزال ؛ وهو الافتعال ؛ من خزله ، قطع وسطه ، ثم نقل في الاصطلاح إلى حذف كلمة أو أكثر. وهي إما اسم ، أو فعل ، أو حرف.
__________________
(١) في المخطوطة (وكقوله).
(٢) تصحفت في المخطوطة إلى (لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) (الزخرف : ٩).
(٣) العبارة ساقطة من المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (واستغفارا) بدل (واستغناء عنه).
(٥) ليست في المطبوعة.
(٦) ليست في المخطوطة.