ومنها مناسبة ما تقدمه ، كقوله في سورة براءة : (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) (التوبة : ٨٧) ؛ لأنّ قبلها : (وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) (التوبة : ٨٦) على بناء الفعل للمفعول ؛ فجاء قوله : (وَطُبِعَ) (التوبة : ٨٧) ليناسب بالختام المطلع ، بخلاف قوله فيما بعدها : (وَطَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (التوبة : ٩٣) ، فإنه لم يقع قبلها ما يقتضي البناء ، فجاءت على الأصل.
حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه
٣ / ١٦٤ وهو كثير ، قال ابن جنّي (١) : وفي القرآن منه زهاء ألف موضع. وأما أبو الحسن (٢) ، فلا يقيس عليه ؛ ثم ردّه بكثرة المجاز في اللغة ، وحذف المضاف مجاز. انتهى.
وشرط المبرّد في كتاب «ما اتّفق لفظه واختلف معناه» (٣) لجوازه وجود دليل على المحذوف من عقل أو قرينة ، نحو : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (يوسف : ٨٢) ، أي أهلها ، قال : «ولا يجوز على هذا أن نقول : جاء زيد ، وأنت تريد غلام زيد ؛ لأنّ المجيء يكون [١٨٨ / أ] له ، ولا دليل على المحذوف».
وقال الزمخشريّ في «الكشاف القديم» : لا يستقيم تقدير حذف المضاف في كل موضع ؛ ولا يقدم عليه إلا بدليل واضح وفي غير ملبس ؛ كقوله : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (يوسف : ٨٢) [(وَجاءَ رَبُّكَ)] (٤) (الفجر : ٢٢) وضعّف بذلك قول من قدّر في قوله : (وَهُوَ خادِعُهُمْ) (النساء : ١٤٢) ، أنّه على حذف مضاف.
فإن قلت : كما لا يجوز مجيئه لا يجوز خداعه ؛ فحين جرّك إلى تقدير المضاف امتناع مجيئه ، فهلاّ (٥) جرّك إلى مثله امتناع خداعه!
__________________
(١) في الخصائص ٢ / ٣٦٢ ، حذف الاسم على أضرب.
(٢) الأخفش.
(٣) «ما اتفق لفظه واختلف معناه» طبع بتحقيق عبد العزيز الميمني الراجكوتي ، القاهرة بالمطبعة السلفية عام ١٣٥٠ ه / ١٩٣١ م (معجم مصنفات القرآن ٤ / ٢١٥ ، معجم الدراسات القرآنية : ٢٥٩) ذكره ابن النديم في الفهرست : ٦٤ وانظر قوله ص ٣٣ من الكتاب.
(٤) ليست في المطبوعة.
(٥) في المخطوطة (فهل).