عمرون (١) : [لما] (٢) فهم منها التأكيد ظنّ بعضهم أنها ليست بصفة. وليس بجيّد ؛ لأنها دلالة (٣) على بعض أحوال الذات ، وليس في (واحِدَةٌ) دلالة على نفخ ، فدلّ على أنها ليست تأكيدا (٤) [١٤٨ / أ] [انتهى] (٥).
وفي فائدة (واحِدَةٌ) خمسة أقوال :
ـ أحدها : التوكيد ، مثل قولهم : «أمس الدابر».
ـ الثاني : وصفها ليصح أن تقوم مقام الفاعل (٦) [لأنها مصدر والمصدر لا يقوم مقام الفاعل] (٦) إلا إذا وصف. وردّ بأن تحديدها بتاء التأنيث مصحّح لقيامها مقام الفاعل.
ـ الثالث : أن الوحدة لم تعلم من «نفخة» إلا ضمنا وتبعا ، لأن قولك : «نفخة» يفهم منه أمران : النفخ والوحدة ، فليست «نفخة» موضوعة للوحدة ، فلذلك صحّ وصفها.
ـ الرابع : وصفه النفخة بواحدة لأجل توهم (٧) الكثرة ، كقوله تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها) (إبراهيم : ٣٤) فالنعمة في اللفظ واحدة وقد علّق عدم الإحصاء بعدّها.
ـ الخامس : أتى بالوحدة ليدلّ على أن النفخة لا اختلاف في حقيقتها ، فهي واحدة بالنوع ، كقوله : (وَما أَمْرُنا إِلاَّ واحِدَةٌ) (القمر : ٥٠) أي لا اختلاف في حقيقته. ومنها قوله تعالى : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) (البقرة : ١٦٣) ، (٨) [قيل : ما فائدة (إِلهٌ)؟ وهلاّ جاء «وإلهكم واحد»] (٨) وهو أوجز؟
قيل : لو قال : «وإلهكم واحد» لكان ظاهره إخبارا عن كونه واحدا في إلهيته ، يعني لا إله
__________________
(١) هو محمد بن محمد بن أبي علي جمال الدين بن عمرون ، أبو عبد الله الحلبي النحوي. ولد سنة ٥٩٦ ه. وسمع من ابن طبرزد ، وأخذ النحو عن ابن يعيش وغيره ، وبرع فيه وتصدر لإقرائه ، وتخرّج به جماعة ، وجالس ابن مالك ، وأخذ عنه البهاء بن النحاس ، وروى عنه الشرف الدمياطي. من تصانيفه : «شرح المفصّل». ت ٦٤٩ ه (بغية الوعاة ١ / ٢٣١).
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) في المخطوطة (دالا).
(٤) في المخطوطة توكيدا.
(٥) ساقطة من المخطوطة.
(٦) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٧) كذا عبارة الأصول ، ولعل العبارة تقتضي وجود كلمة (نفي) قبل (توهم) كي يستقيم المعنى ، فتأمّل.
(٨) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.