غيره و [إن] (١) لم يكن إخبارا عن توحده في ذاته ، بخلاف ما إذا كرّر ذكر الإله (٢) ، والآية إنما سيقت لإثبات أحديّته في ذاته ، ونفي ما يقوله النصارى : إنه إله واحد والأقانيم ثلاثة ، أي الأصول ، كما أن زيدا واحدا وأعضاؤه متعدّدة ، فلما قال : (إِلهٌ واحِدٌ) دلّ على أحدية الذات والصفة. ولقائل أن يقول : قوله : (واحِدٌ) يحتمل الأحدية في الذات والأحدية في الصفات ، سواء ذكر «الإله» أو لا ، فلا يتم الجواب.
ومنهما قوله [تعالى] (٣) : (وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) (النجم : ٢٠) ومعلوم بقوله : (الثَّالِثَةَ) أنها (الْأُخْرى) ، وفائدته التأكيد. ومثله على رأي الفارسي : (وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى) (النجم : ٥٠).
وأما قوله : (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) (النحل : ٢٦) (قيل) : بمعنى «عن» أي خرّ (٤) عن كفرهم بالله ؛ كما تقول : اشتكى فلان عن دواء شربه ؛ أي من أجل كفرهم. أو بمعنى اللام ، أي فخرّ لهم ، (وقيل) : لأن العرب لا تستعمل لفظة «على» في مثل هذا الموضع إلا في الشرّ والأمر المكروه ، تقول : خربت على فلان ضيعته ، كقوله : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) (البقرة : ١٠٢) (وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) (آل عمران : ٧٨) (أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (الأعراف : ٢٨) وقيل : لأنه يقال : سقط عليه موضع كذا ، إذا كان يملكه ، وإن لم يكن من فوقه بل تحته ، فدلّ قوله تعالى : (مِنْ فَوْقِهِمْ) (النحل : ٢٦) على الفوقية الحقيقية ؛ وما أحسن هذه المقابلة بالفوقية بما (٥) تقدم من قوله : (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ) (النحل : ٢٦) كما تقول : أخذ برجله فسقط على رأسه.
(السادسة) (٦) : إذا اجتمع مختلفان في الصراحة والتأويل قدّم (٧) الاسم المفرد ، ثم الظرف أو عديله ، ثم الجملة ، كقوله تعالى : (اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ* وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ) (آل عمران : ٤٥ ، ٤٦) فقوله (وَجِيهاً) حال ، وكذلك (مِنَ الْمُقَرَّبِينَ) ، وقوله (يُكَلِّمُ) وقوله : (مِنَ الصَّالِحِينَ) ، فهذه
__________________
(١) ساقطة من المطبوعة.
(٢) في المخطوطة (إله).
(٣) ليست في المطبوعة.
(٤) في المخطوطة (خوفه).
(٥) في المخطوطة (لما).
(٦) من الفوائد التي تتعلق بالصفة.
(٧) في المخطوطة (وقدّم).