[و] (١) (لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا) (الأنفال : ٣١).
(مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الأنعام : ٣٩).
والحكمة في كثرة حذف مفعول المشيئة المستلزمة لمضمون الجواب لا يمكن أن تكون إلا مثيلة (٢) الجواب ؛ ولذلك كانت الإرادة كالمشيئة في جواز اطّراد حذف مفعولها ؛ صرح به الزمخشريّ في تفسير سورة البقرة (٣) ، وابن الزّملكاني (٤) في «البرهان» ، والتنوخي (٥) في «الأقصى» : كقوله : [تعالى] : (٦) (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ) (الصف : ٨) ، وإنما حذفه لأن في الآية قبلها ما يدلّ على أنهم أمروا لكذب ؛ وهو بزعمهم (٧) إطفاء نور الله ، فلو ذكر أيضا لكان كالمتكرر ؛ فحذف وفسّر بقوله : (لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ) ٣ / ١٦٩ (الصف : ٨) ؛ وكان في الحذف تنبيه على هذا المعنى الغريب.
وينبغي أن يتمهل في تقدير مفعول المشيئة ؛ فإنه يختلف المعنى بحسب التقدير ؛ ألا ترى إلى قوله تعالى : (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) (السجدة : ١٣) ؛ فإن التقدير كما قاله عبد القاهر [الجرجاني] (٨) : ولو شئنا أن نؤتي كلّ نفس هداها لآتيناها ، لا يصحّ إلا على ذلك ؛ لأنه إن لم يقدر [ل (شِئْنا)] (٩) هذا المفعول أدّى والعياذ بالله إلى أمر عظيم ، وهو نفي أن يكون لله مشيئة على الإطلاق ؛ لأن من شأن «لو» أن يكون الإثبات بعدها نفيا ، ألا ترى أنك إذا قلت : لو جئتني أعطيتك ، كان المعنى على أنه لم يكن مجيء ولا إعطاء ؛ وأما قوله تعالى : (وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها) (الأعراف : ١٧٦) ؛ فقدّره النحويون : فلم نشأ فلم نرفعه.
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (مشيئة).
(٣) الكشاف ١ / ٤٣.
(٤) هو محمد بن علي بن عبد الواحد تقدم التعريف به في ١ / ١٣٥ ، وبكتابه في ٢ / ٢٢٨.
(٥) هو محمد بن محمد التنوخي تقدم التعريف به وبكتابه في ٢ / ٤٤٨.
(٦) ليست في المطبوعة.
(٧) في المخطوطة (يزعم).
(٨) ساقط من المخطوطة ، وانظر كتابه دلائل الإعجاز ص ١٢٦ ، حذف المفعول به باب من الإضمار والحذف بابا يسمى الإضمار على شريطة التفسير. مع تصرف في النقل.
(٩) ليست في المطبوعة.