وقد يقال : الضمير لم يرجع عليه وإنما عاد على معمول معموله.
الثالث : أن يكون السامع (١) منكرا لذلك ، أو كالمنكر ، فيقصد إلى إثباته عنده ، فإن لم يكن منكرا ، فالحذف.
والحاصل أن حذف مفعول «أراد» و «شاء» لا يذكر إلا لأحد هذه الثلاثة.
[التنبيه] (٢) الثاني
أنكر الشيخ أبو حيّان في باب عوامل الجزم من شرح «التسهيل» (٣) هذه القاعدة وقال : غلط (٤) البيانيون في دعواهم لزوم حذف مفعول المشيئة ؛ إلا فيما إذا كان مستغربا ؛ وفي القرآن : (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) (التكوير : ٢٨). (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) (المدثر : ٣٧). ولهم أن يقولوا : إن المفعول هاهنا عظيم ؛ فلهذا صرّح به فلا ٣ / ١٧٢ غلط على القوم ؛ وأما قوله تعالى : (فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً) (البقرة : ٢٦) ؛ فإذا جعلت «ما ذا» بمعنى «الذي» ؛ فمفعول «أراد» متقدّم عليه ، وإن جعلت «ذا» [وحدها] (٥) بمعنى «الذي» فيكون مفعول «أراد» محذوفا ؛ وهو ضمير «ذا» ولا يجوز أن يكون «مثلا» مفعول «أراد» لأنه أحد معموليه ولكنه حال.
فصل
وقد كثر حذف مفعول أشياء غير ما سبق ؛ منها الصبر ، نحو : (فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا) (الطور : ١٦) ، [و] (٦) (اصْبِرُوا وَصابِرُوا) (آل عمران : ٢٠٠).
وقد يذكر ، نحو : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ) (الكهف : ٢٨) قال الزمخشري في تفسير سورة الحجرات (٧) : قولهم : صبر عن كذا (٨) ، محذوف منه المفعول ؛ وهو النفس.
__________________
(١) في المخطوطة (للسامع).
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) كتاب «تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد لابن مالك الطائي شرحه العلامة أثير الدين ، أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي المتوفى سنة ٧٤٥ ه وسماه «التذييل والتكميل» وهو شرح كبير في مجلدات (حاجي خليفة ، كشف الظنون ١ / ٤٠٥).
(٤) في المخطوطة (قال وغلط).
(٥) ساقطة من المخطوطة.
(٦) ليست في المطبوعة.
(٧) الكشاف ٤ / ٨.
(٨) في المخطوطة (هذا).