ومنها مفعول «رأى» ، كقوله : (أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى) (النجم : ٣٥).
قال الفارسيّ : الوجه أنّ «يرى» هنا للتعدية (١) لمفعولين ؛ لأن رؤية الغائب لا تكون إلا علما ، والمعنى عليه قوله : (عالِمُ الْغَيْبِ) (٢) (الجن : ٢٦) [١٩٣ / أ] وذكره العلم ، قال : والمفعولان محذوفان ؛ فكأنه (٣) قال : فهو يرى الغائب حاضرا ، (٤) أو حذف ؛ كما حذف (٤) في قوله : (أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) (٥) (الأنعام : ٢٢) ، أي تزعمونهم إياهم.
٣ / ١٧٣ وقال ابن خروف (٦) : هو من باب الحذف لدليل ، لأن المعنى دالّ (٧) على المفعولين ؛ أي فهو يعلم ما يفعله ويعتقده حقّا وصوابا ، ولا فائدة في الآية مع الاقتصار ، لأنه لا يعلم منه (٨) المراد. وقد ذهب إليه بعض المحققين وعدل عن الصواب.
ومنها وعد يتعدى إلى مفعولين ؛ ويجوز الاقتصار على أحدهما كأعطيت ، قال تعالى : (وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ) (طه : ٨٠) ، ف «جانب» مفعول ثان ، ولا يكون ظرفا لاختصاصه. والتقدير : واعدناكم (٩) إتيانه أو مكثا (١٠) فيه.
(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) (المائدة : ٩).
(وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ) (الأنفال : ٧) ، فإحدى الطائفتين في موضع نصب ؛ بأنه المفعول الثاني ؛ وأنها لكم ، بدل منه ، والتقدير : وإذ يعدكم الله ثبات إحدى الطائفتين أو ملكها.
وقال تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) (النور : ٥٥) ، فلم يتعدّ (١١) الفعل فيها إلا إلى واحد ، و (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ) تفسير
__________________
(١) في المخطوطة (المتعدية).
(٢) تكررت في هذا الموضع عبارة (قال الفارسي إن يرى).
(٣) في المخطوطة (وكأنه).
(٤) عبارة المخطوطة (وحذفا كما حذفا).
(٥) الآية في المخطوطة (أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) [القصص : ٧٤].
(٦) هو علي بن محمد بن علي أبو الحسن تقدم التعريف به في ٢ / ٤٩٧.
(٧) في المخطوطة (دل).
(٨) في المخطوطة (معه).
(٩) في المخطوطة (وعدناكم).
(١٠) في المخطوطة (مكناكم).
(١١) في المطبوعة (يعدّ).