وقوله : (أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها) (النازعات : ٣١) ، فدلّ بأمرين على جميع ما أخرجه من الأرض قوتا ومتاعا للأنام ، من العشب ، والشجر ، والحبّ ، والثمر ، والعصف ، والحطب ، واللباس ، والنار ، والملح ؛ لأن النار من العيدان ، والملح من الماء.
وقوله : (يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ) (الرعد : ٤) ، فدلّ على نفسه ولطفه ووحدانيته وقدرته ، وهدى للحجة على من ضلّ عنه ؛ لأنه لو كان ظهور الثمرة بالماء والتربة ، لوجب في القياس ألاّ تختلف الطعوم والروائح ، ولا يقع التفاضل في الجنس الواحد إذا نبت في مغرس واحد ؛ ولكنّه صنع اللطيف الخبير.
وقوله : (لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ) (الواقعة : ١٩) ، كيف نفى [عنها] (١) بهذين جميع عيوب الخمر ، [وجمع بقوله] (٢) : (لا يُنْزِفُونَ) عدم العقل وذهاب (٣) المال ونفاد الشراب.
٣ / ٢٢٧ وقوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ* وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ) (يونس : ٤٢ ـ ٤٣) فدلّ على فضل السمع [على] (٤) البصر ، حيث جعل مع الصّمم فقدان العقل ، ولم يجعل مع العمى إلا فقدان البصر وحده.
[وقوله] (٥) : (وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (هود : ٤٤) كيف أمر ونهى ، وأخبر ونادى ، ونعت وسمّى ، وأهلك وأبقى ، وأسعد وأشقى ، قصّ (٦) من الأنباء ما لو شرح ما اندرج في هذه الجملة من بديع اللفظ والبلاغة والإيجاز والبيان لجفّت الأقلام وانحسرت الأيدي.
وقوله تعالى عن النمل (٧) : (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) (النمل : ١٨) فجمع في هذه اللفظة أحد عشر جنسا من الكلام ، نادت ، وكنت ، ونبهت وسمّعت (٨) ، وأمرت ، وقضت وحذّرت ، وخصت ، وعمّت ، وأشارت ، وغدرت ؛ فالنداء «يا» ، والكناية «أيّ» ، والتنبيه «ها» ، والتسمية النمل ، والأمر ، «ادخلوا» ، والقصص «مساكنكم» ،
__________________
(١) ساقطة من المطبوعة.
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) في المخطوطة (ذهاب).
(٤) في المطبوعة (والبصر).
(٥) ليست في المخطوطة.
(٦) في المخطوطة (وقص).
(٧) في المطبوعة (النملة).
(٨) في المخطوطة (وسمّت).