وقوله : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ* وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ) (الرحمن : ١٤ ـ ١٥).
وأما تقديم الجن في مواضع أخر ، كقوله : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) (الأنعام : ١٣٠) ؛ فلأنّهم أقدم في الخلق ، فيكون من النوع الأول (١) ـ أعني التقديم بالزمان ـ ولهذا لمّا أخّر (٢) في آية الحجر (٣) صرّح بالقبلية بذكر [خلق] (٤) الإنسان ، ثم قال : (وَالْجَانَ (٥) خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ) (الحجر : ٢٧).
ويجوز أن يكون في الأمثلة السالفة (٦) من باب تقديم الأعجب ؛ لأنّ خلقها أغرب (٧) ، كقوله تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) (النور : ٤٥).
أو لأنهم أقوى أجساما ، وأعظم أقداما ولهذا قدّموا في : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (الرحمن : ٣٣) ، وفي : (وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ) (النمل : ١٧).
ومنه تقديم السّجّد على الراكعين (٨) في قوله : (وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) (آل عمران : ٤٣) ، وسبق فيه شيء آخر.
ومنه تقديم الخيل على البغال ، والبغال على الحمير في قوله تعالى : (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها) (النحل : ٨).
ومنه تقديم الذهب على الفضة في قوله : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) (التوبة : ٣٤).
__________________
(١) تقدم في ٣ / ٣٠٩ (السبق بالزمان والإيجاد).
(٢) في المخطوطة (أخبروا) تصحيف.
(٣) وهي قوله تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) (الآية : ٢٦).
(٤) ساقطة من المطبوعة.
(٥) تصحفت في المخطوطة إلى (والإنسان).
(٦) في المخطوطة (السابقة).
(٧) في المخطوطة (أقرب).
(٨) العبارة في المخطوطة (السجود على الركوع).