وقال الفقيه نجم الدين بن الرّفعة (١) : يحتمل أن يقال : إنه لما كان الكفر يهدر (٢) ٣ / ١٦٧ الدماء (٣) وهو موجود ، كان الغاية ببذل الدم عند العصمة (٤) لأجل الميثاق أتمّ ، لأنّه يغمض حكمه ، فلذلك قدمت الدّية فيه ، وأخّرت الكفارة ، لأنّ (٥) حكمها قد سبق. ولما كانت عصمة المسلم ثابتة ، وقياس الأصول [أنّه] (٦) لا تجب الكفارة (٧) في قتل الخطإ ، لأنّه لا إثم فيه ، خصوصا على المسلمين لرفع القلم عن الخطإ ، كانت العناية بذكر الكفارة فيه (٨) أتمّ ؛ لأنها التي تغمض ، فقدّمت.
ومن هذا النوع قوله تعالى : (فَأَتْبَعَ) (٩) سَبَباً* حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ (الكهف : ٨٥ ـ ٨٦) قيل : لما ذا (١٠) بدأ بالمغرب قبل المشرق ، وكان مسكن ذي القرنين من ناحية المشرق؟ قيل : لقصد الاهتمام (١١) ، إما لتمرّد أهله وكثرة طغيانهم في ذلك الوقت ، أو غير ذلك ممّا لم ينته (١٢) إلينا علمه.
ومن هذا أنّ تأخر المقصود بالمدح والذم أولى من تقدّمه ؛ كقوله : نعم الرجل ، زيد (١٣) ، أحسن من قولك : زيد نعم الرجل ، لأنهم يقدّمون الأهمّ ، و [هم] (١٤) في هذا [بذكر] (١٤) المدح والذمّ أهمّ.
فأما (١٥) تقديمه في قوله تعالى : (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (ص : ٣٠ و٤٤) ، فإن (١٦)
__________________
(١) هو أحمد بن محمد بن علي بن الرفعة نجم الدين ، أبو العباس ، شافعي زمانه تفقه على السديد والظهير التزمنتي والشريف العباسي ، ولقب بالفقيه لغلبة الفقه عليه ، وسمع الحديث من محيي الدين الدميري ، وله من التصانيف «شرح الوسيط» و «الكفاية في شرح التنبيه» ت ٧١٠ ه (السبكي ، طبقات الشافعية ٥ / ١٧٧).
(٢) في المخطوطة (بهذا).
(٣) في المخطوطة (والدنيا).
(٤) في المخطوطة (العظمة).
(٥) في المخطوطة (ولأن).
(٦) ليست في المخطوطة.
(٧) في المخطوطة (كفارة).
(٨) في المخطوطة (فيها).
(٩) تصحفت في المخطوطة إلى (ثم أتبع).
(١٠) في المخطوطة (لم).
(١١) عبارة المخطوطة (لفقد اهتمام).
(١٢) في المخطوطة (لما ينته).
(١٣) في المخطوطة (زيدا).
(١٤) ليست في المخطوطة.
(١٦) في المخطوطة (وأما).
(١٧) في المخطوطة (فلأن).