والفرق بينه وبين الصفة أن البدل في تقدير تكرار العامل ، وكأنه في التقدير (١) من جملتين ؛ بدليل تكرر حرف الجرّ في قوله : (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ) (الأعراف : ٧٥) ، وبدليل بدل النكرة [من المعرفة] (٢) والمظهر (٣) من المضمر ، وهذا مما يمتنع في الصفة ، فكما أعيدت اللام الجارة في الاسم ، فكذلك تكرار العامل الرافع أو الناصب في تقدير التكرار (٤) ، وهو إن كان كذلك فلا يخرج عن أن يكون فيه تبيين للأول كالصفة.
وقيل لأبي عليّ (٥) : كيف يكون البدل إيضاحا للمبدل (٦) منه ، وهو من غير جملته؟ فقال (٧) : لما لم يظهر العامل في البدل ، وإنما دل عليه العامل في المبدل منه ، واتصل البدل بالمبدل منه في اللفظ ، جاز أن يوضّحه.
ومن فوائد البدل التبيين على وجه المدح فقولك : هل أدلّك على أكرم الناس وأفضلهم؟ فلان ، أبلغ من قولك : فلان الأكرم والأفضل ، بذكره مجملا ثم مفصّلا. وقال الأخفش والواحديّ (٨) في بدل البعض من الكلّ ، نحو : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (آل عمران : ٩٧) يسمى هذا بدل البيان ؛ لأن الأوّل يدلّ على العموم ثم يؤتى بالبدل إن أريد (٩) البعض.
وأعلم أن في كلا البدلين ـ أعني بدل البعض وبدل الاشتمال ـ بيانا وتخصيصا للمبدل منه ، وفائدة البدل أنّ ذلك الشيء يصير مذكورا مرتين : إحداهما بالعموم ، والثانية بالخصوص.
__________________
(١) في المخطوطة (من تقدير).
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) في المخطوطة (والمضمر).
(٤) في المخطوطة (التكرير).
(٥) الفارسي تقدم التعريف به في ١ / ٣٧٥.
(٦) في المخطوطة (البدل).
(٧) في المخطوطة (وقال).
(٨) هو علي بن أحمد أبو الحسين الواحدي تقدم التعريف به في ١ / ١٠٥.
(٩) في المخطوطة (إذ المراد).